لقد اختلفت الروايات والتفاسير في تحديد هذا الذي مرّ على قرية ، لكنّها متّفقة على أنّه مات مائة عام ، ورجع إلى الدنيا وبقي فيها ، ثمّ مات بأجله ، فهذه رجعة إلى الحياة الدنيا.
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( لتركبن سنن من كان قبلكم ... ).
هذا ، وروي عن أبي بصير أنّه قال : قال لي أبو جعفر عليهالسلام : ( ينكر أهل العراق الرجعة )؟ قلت : نعم ، قال : أمّا يقرؤون القرآن ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا )؟ (١).
وروي عن حمّاد ، عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : ما يقول الناس في هذه الآية : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا )؟ قلت : يقولون : إنّها في القيامة.
قال عليهالسلام : ليس كما يقولون ، إنّ ذلك الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلّ أُمّة فوجاً ويدع الباقين؟! إنّما آية القيامة قوله : ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) (٢).
ويمكن أن يتجلّى لنا الهدف من هذا الأمر الخارق الذي أخبر عنه أئمّة الهدى عليهمالسلام ، إذا عرفنا أنّ العدل الإلهيّ واسع سعة الرحمة الإلهيّة ، ومطلق لا يحدّه زمان ولا مكان ، وأنّه أصيل على أحداث الماضي والحاضر والمستقبل ، والرجعة نموذج رائع لتطبيق العدالة الإلهيّة ، ذلك لأنّها تعني أنّ الله تعالى يعيد قوماً من الأموات ممّن محّض الإيمان محضاً ، أو محّض الكفر محضاً ، فيديل المحقّين من المبطلين عند قيام المهديّ عليهالسلام.
وفي الختام : نشير إلى أنّ الشيخ الحرّ العامليّ قدسسره أورد في الباب الثاني من كتابه ( الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة ) اثني عشر دليلاً على صحّة الاعتقاد بالرجعة ، وأهمّ ما استدلّ به الإمامية على ذلك : هو الأحاديث الكثيرة المتواترة علن النبيّ والأئمّة عليهمالسلام ـ المروية في الكتب المعتمدة ـ وإجماع الطائفة
____________
١ ـ النمل : ٨٣ ، مختصر بصائر الدرجات : ٢٥.
٢ ـ الكهف : ٤٧ ، مختصر بصائر الدرجات : ٤١.