٢ ـ إنّ روح الإنسان تبقى حية بعد خروجها من الجسد ، وانتقالها إلى عالم البرزخ ، ومعنى أنّها حية أنّ لها عقل وإدراك ، ويدلّ عليه آيات كثيرة ، منها قوله تعالى في قصّة حبيب النجّار : ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) (١).
فإنّه هناك وهو في عالم البرزخ يتمنّى أن يعلم قومه ما أنعم الله عليه ، والتمنّي فعل منه ، وكذلك قوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٢) ، فهي صريحة بحياتهم بعد الممات ، وأنّهم يفرحون ويستبشرون.
٣ ـ وجود الصلة بين الحياة الدنيوية والحياة البرزخية ، بمعنى إمكان الاتصال بالأرواح ومخاطبتها ، وأنّها تسمع وتحسّ بما يفعله الأحياء ، قال تعالى عما أخبر به عن نبي الله صالح عليهالسلام : ( فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ) (٣).
وقول النبيّ صلىاللهعليهوآله لأصحابه بعدما خاطب المشركين المقتولين في معركة بدر : ( ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنّهم لا يستطيعون أن يجيبوا ) (٤).
وسلامنا على رسول الله صلىاللهعليهوآله في نهاية كلّ صلاة ، إذ لو لم يكن هناك صلة بالنبيّ صلىاللهعليهوآله بعد وفاته ، فما معنى سلامنا عليه.
ورواية أنّ الميّت يسمع قرع نعال أصحابه بعد وضعه في القبر (٥) ، وهناك
____________
١ ـ ياسين : ٢٦ ـ ٢٧.
٢ ـ آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠.
٣ ـ الأعراف : ٧٨ ـ ٧٩.
٤ ـ مسند أحمد ٣ / ١٠٤ ، صحيح مسلم ٨ / ١٦٤.
٥ ـ الجامع الصغير ١ / ٣١٧ ، الجامع لأحكام القرآن ١٣ / ٢٣٣.