أقول : حكمهم بعدم حاجة من يخرج من مكة بعد عمرة التمتع إذا أراد الدخول قبل مضي الشهر إلى الإحرام ، واحتياجه اليه بعد مضيه لا يدل على عدم جواز الإحرام قبل مضي الشهر من العمرة الاولى في غير هذه الصورة المخصوصة المنصوصة إلا بطريق قياس غير مسوغ.
ومن الغريب أنه رحمهالله استثنى هذه الصورة في كلامه السابق عن محل النزاع وقال : انها خرجت لمانع لا لعدم صلاحية الزمان ، وهنا جعلها دليل اشتراط الشهر ، ولعله قدسسره ذهل عنه ، وكان وقتئذ نظره على ما ذكره الفاضل في المختلف في مقام الاستدلال على أنه لا يكون بين العمرتين أقل من شهر.
حيث قال : وأيضاً حكموا على الخارج من مكة بعد الاعتمار ، بأنه إذا دخل مكة في ذلك الشهر اجتزأ بعمرته ، ولو دخل في غيره وجب عليه عمرة أخرى ويتمتع بالأخيرة ، وذلك يدل على اعتبار الشهرين للعمرتين.
وفيه ما عرفته من أن دلالته عليه في غير هذه الصورة المخصوصة ممنوعة وفيها مسلمة ، ولكنه لا يجدي نفعاً لأنها مما أخرجه الدليل.
وأما قوله فيه أيضاً : ان أصحابنا نصوا على أن المفسد للعمرة يجب عليه الكفارة وقضاؤها في الشهر الداخل ، ولو كان كل وقت صالحاً للعمرة لما انتظر في القضاء الشهر الداخل.
ففيه أن وجوب قضائها في الشهر الداخل لا يدل على عدم كون كل وقت صالحاً لغير هذه العمرة ، فلعل ذلك كان لخصوص نص كان في نظرهم لم يصل إلينا ، لاندراس كثير من النصوص بتصادم الدول الباطلة والأهواء العاطلة ، على أن هؤلاء الناصين بذلك لعلهم كانوا ممن قال بعدم جواز الإتيان بعمرتين لا يكون بينهما شهر فالتمسك بقولهم تمسك بقول المدعى.
ثم قال قدسسره : والظاهر من هذه الروايات عدم الزيادة على ذلك ، كما