هذا اللبن أولاد الفحل ولادة ورضاعاً ، فقد بالغوا في النزاهة.
وفيه أن أحداً منهم لم يقل بالتنزه عن نكاح أخت الاخ من النسب اذا لم تكن أختاً له من أبيه أو أمه ، بأن يكون له أخ من الاب وأخت من الام ، فانه يجوز للاخ من الاب نكاح الاخت من الام كما سبق.
فاذا لم يكن الاجتناب عن نكاح أخت الاخ من النسب تنزهاً ، وقد علم أن النبي صلىاللهعليهوآله جعل النسب أصلا للرضاع ، فيكون أضعف منه تنزيهاً وتحريماً ، فبأن لا يكون الاجتناب عن نكاح أخت الاخ من الرضاع تنزهاً أولى.
وبالجملة ما فهمه صاحب الرسالة من الخبر وحمله عليه لما كان مخالفاً للظاهر منافياً لعموم الايات ، مبايناً لصريح بعض الروايات ، بعيداً عن الافهام حتى لم يفهمه منه في تلك الاعصار المتطاولة والقرون الخالية ذو فهم من ذوي الافهام ، ولا أحد من العلماء الاعلام ، وأذهانهم الثاقبة وأفكارهم الصائبة : اما لبعده ، أو لكونه خلاف الامر نفسه.
وقد تقرر عندهم أن مدار الاستدلال بالايات والروايات من السلف الى الخلف على الظاهر المتبادر لا على خلافه البعيد عن الخواطر ، وسيما اذا كان مصادماً لاصالة الحلية والاباحة والبراءة واستصحاب الحل السابق ، بل صريح الخبر الموثق كالصحيح ، ولذا تردد هو نفسه في كونه صحيحاً ومراداً ، وفي بيانه حتى بنى الامر فيه على الاستخارة ، كما هو المذكور في ديباجة الرسالة ، وهو (١) غريب لا يصار اليه ولا يكون حجة الا عليه بل لا حجية فيه أصلا ، لان خلاف الظاهر هو الاحتمال المرجوح من احتمالي اللفظ.
ومن البين أن الاحتمال المرجوح على تقدير تسليم كونه من محتملات الخبر في جنب الاحتمال الراجح مما لا يلتفت في مقام الاستدلال اليه الا بدليل يدل
__________________
(١) هذا جزاء « لما » « منه ».