ثم الظاهر أن من هنا ، أي : مما ذكره العلامة في الخلاصة سرى الوهم الى غيره ، كصاحب المدارك فيه ، حيث حكم فيه بضعف السند وعلله باشتماله على علي بن السندي ، قال : وهو مجهول (١).
فان قلت : لعله حكم بذلك ، لان نصر بن الصباح أبا القاسم البلخي كان غالي المذهب ، فلا يعتبر قوله في الجرح والتعديل.
قلت : هو وان كان كذلك ، الا أنه كان عارفاً بالرجال والأحوال غاية المعرفة كما صرح به بعض متأخري أرباب الرجال ، ويظهر ذلك أيضاً لمن له أدنى قدم في هذا الشأن ، وهو قد لقى جلة من كان في عصره من المشايخ وروى عنهم ، كما في الكشي ، وكان من مشايخ العياشي فانه يروي عنه.
ويظهر من ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن قبة من النجاشي (٢) أنه كان من الفضلاء والأكابر ، فيعتبر قوله في أمثال هذه الأمور ، ولا سيما إذا لم يكن على خلاف قوله قول ، إذ لم يقدح في ابن السندي هذا أحد من أئمة الرجال ، فإذا صرح بتوثيقه من هو عارف بالرجال والأحوال قبل قوله فيه ، وان كان فاسد الاعتقاد ، كما يقبل روايات كثير من الرواة وهم على عقيدة باطلة.
ألا ترى أنهم يعتبرون قول أهل اللغة وغيرهم من أرباب الصنائع ، وأكثرهم فاسدون في اعتقاداتهم ، وذلك أن أهل كل صفة يسعون في تصحيح مصنوعاتهم وصيانتها عن مواضع الفساد بحسب كدهم وجدهم وجهدهم وقدر طاقتهم ومعرفتهم بصنعهم ، لئلا يسقط محلهم عندهم ، ولا يشهروا بقلة الوقوف والمعرفة في أمرهم ، وان كان فاسقاً في بعض الأفعال.
نعم صحة المراجعة اليهم يحتاج الى اختبارهم والاطلاع على حسن صنعتهم
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ / ٣٠٦.
(٢) رجال النجاشى ص ٣٧٦.