اذ المتبادر من قولهم « فلان أنكر حق فلان وحلف عليه » أنه حلف باستحلاف صاحب الحق عند الوالي وبأمره.
يدل على ذلك صريحاً ما سبق في كلام الشيخ في أوائل الرسالة من قوله « إذا حلف المدعى عليه ثم أقام المدعي البينة بالحق لم يحكم له بها » اذ لا شك أن المراد به كما هو المتبادر منه أيضاً إذا حلف المدعى عليه باستحلاف المدعي كما يفهم من هذا هذا ، فكذا يفهم من ذاك ذاك من غير فرق.
ولذلك أوله رحمهالله الى ما أوله اليه ، وجعل الباعث عليه قولهم المشهور المستند الى رواية ابن أبي يعفور ، والباعث على ذلك كما عرف ضعيف ، وطريق التوثيق بينهما غير منحصر فيما ذكره ، لجواز حمل الثانية على الكراهة والأولى على الجواز ، أو بالحمل على جواز المقاصة مع القول المذكور في صحيحة الحضرمي ، وعدمه مع عدمه.
على انا نقول : فدلالة صحيحة سليمان بن خالد على عدم جواز المقاصة بعد التحليف مطلقا ممنوعة ، وانما دلت عليه في صورة كون مال الغريم عنده أمانة كما يدل عليه قوله عليهالسلام « ان خانك فلا تخنه » فهذا قرينة أن المالين كانا عند الرجلين بطريق الامانة ، فتدل على عدم جواز الخيانة في الامانة ، ولو في صورة التقاص ، لا على عدم جواز المقاصة بعد الاحلاف ، كما هو المطلوب.
ونحن نقول بالأول ، لدلالة أخبار كثيرة صحيحة عليه. منها : صحيحة معاوية ابن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام ودخلت عليه امرأة وكنت أقرب القوم اليها ، فقالت لي مسألة ، فقلت : عما ذا؟ فقالت : ان ابني مات وترك ما لا في يد أخي فأتلفه ، ثم أفاد مالا فأودعنيه ، فلي أن آخذ منه بقدر ما أتلف من شيء؟ فأخبرته بذلك ، فقال : لا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أد الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك » (١) كذا
__________________
(١) التهذيب ٦ / ٣٤٨ ، ح ١٠٢ وفيه عن ابن أخى الفضيل بن يسار.