ما عسى أن يتوهم اندراجه في العموم ، وذلك لما عرفت من أن استثناء حصة المقاسمة يقتضي استثناء المئونات كلها ، ولا أقل من المتقدمة عليها عادة ، وهو ملزوم لاستثناء ما يفرض تأخره عنها من المؤن ، لعدم القائل بالفصل ، ولعله ترك التصريح بذلك مع اغناء الاعتياد عنه وعدم سوق الكلام له مراعاة للتقية ونحوها من المصالح. وأمثال ذلك كثيرة في روايات الأصحاب ، وهو ظاهر للمتدرب من أولي الألباب.
وكيف كان ينتفى معه القول بنفي استثناء شيء من المؤن واحتسابها جميعاً على أرباب الأموال ، فلا يكون ذلك من الاحتياط في شيء ، على أنه لا يبعد أن يراد بالاخراج الافادة والأرباح ، لما فيه من الاظهار والابرار.
قال في مجمع البحرين : الخرج والخراج بفتح المعجمة فيها ما يحصل من غلة الأرض ، أي فائدتها (١).
قال في القاموس : الغلة الدخل من كراء دار وأجر غلام وفائدة أرض (٢).
والمعنى : فعليك فيما أفاد الله منها ، وأربح ، أي : أخرج وأظهر من النماء والفائدة بعد المقاسمة العشر أو نصفه ، كما يقال : يخرج من العمل الفلاني ألف درهم ، ومن المعاملة الفلانية ألف دينار ، والمراد أنه يربح ويحصل منه ذلك ، فيفهم منه أن المقاسمة بعد وضع المؤن ثم العشر ، على ما نبهناك عليه فلا تغفل.
ومنها : ما رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن البزنطي ، قال ذكرت لابي الحسن الرضا عليهالسلام الخراج وما ساربه أهل بيته ، فقال : العشر ونصف العشر على من أسلم طوعاً تركت أرضه في يده وأخذ منه العشر ونصف العشر فيما عمر منها وما لم يعمر منها أخذه الوالي فقبله ممن
__________________
(١) مجمع البحرين ٢ / ٢٩٤.
(٢) القاموس ٤ / ٢٦.