المؤن اللاحقة والسابقة في اعتبار النصاب باحتساب المتقدمة دون المتأخرة عكس ما يراد هنا ، فافهم.
على أنه يصح أن يقال بالنظر الى ما في المعتبر أن المئونات وان كانت مقدمة سبب لزيادة ما يحصل من المال المشترك والخراج على الأموال المشتركة وان لم يزد فيها مشترك ، فما يزيد منه بسببه أولى بالاشتراك ، وبهذا يمكن الاعتذار عما ارتكبه العلامة في المنتهى ، حيث قال : لنا أنه مشترك بين المالك والفقراء ، فلا يختص أحدهم بالخسارة عليه كغيره من الأموال المشتركة ، ولان المئونة سبب في الزيادة ، فيكون على الجميع (١).
فانه جعل ذلك وجهاً آخر كما ترى ، اشارة الى ما بينهما من الفرقان ، لبعد كون المجموع دليلا واحداً على مجموع المؤن المتأخرة والمتقدمة ، ولعله أعرض عن التشبيه بغيره من المشتركات لئلا يتوهم فيه القياس على ما اعتبره عطا ، فان هذه الحجة محكية في التذكرة بهذا الوجه المبتنى عليه تنبيهاً على أنه يتم التقريب من باب اتحاد طريق المسألتين ، وأورد المحقق على ذلك الوجه ، بناءً على الاحتجاج بالقياس بالطريق الأولى.
وبما قررنا ظهر ضعف ما في الذخيرة من أنه في قوة المدعى ، وأضعف منه ما في المدارك من منع الملازمة ، بناءً على أنه لا يلزم من كون المئونة سبباً في الزيادة وجوبها على الجميع ، ومن أن ذلك نفس المدعى ، فكيف يجعل دليلا؟! ضرورة أن هذا المنع مكابرة ، والاستدلال باعتبار وصف كونه سبباً في الزيادة وهو غير المدعى قطعاً ، وبهذا الاعتبار كان دليلا ، كما في سائر الأقيسة الاقترانية والاستثنائية.
ومنها : ما نبه عليه المحقق في المعتبر ، واحتج به في المنتهى ، من أن الزكاة
__________________
(١) المنتهى ١ / ٥٠٠.