١. الآية التي سبقت آية قتل العمد ، أي آية قتل الخطأ ، وهو قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ) فإن معناه على أحد وجوه التفسير هو : لم يكن لمؤمن أن يقتل مؤمناً متعمداً ، ومتى قتله متعمداً لم يكن مؤمناً ، فان ذلك يخرجه من الايمان ، ثم قال : ( إلّا خطأ ) أي فان قتله خطأ لا يخرجه من الايمان ، ١ وهذا يثبت ما ذهبنا إليه.
٢. هناك روايات وأحاديث عديدة تشدد في وعيد قاتل العمد ، وتهدده بالاياس من دخول الجنة وحرمتها عليهم ، ومن هذه الأحاديث ماروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لو أن الثقلين اجتمعوا على قتل مؤمن لأكبهم الله على مناخرهم في النار ، وإن الله حرّم الجنة على القاتل الآمر ». ٢ ومن المعلوم أن الجنة ليست محرمة إلّا على الكفار والمشركين ، فنفهم من الحديث الشريف كون القاتل مستحلاً.
ويؤيده ما ذكره صدر الدين الشيرازي ، فهو بعد أن أشار إلى أن تكرر المعاصي يؤدي إلى ظلمة مرآة القلب ، ويمنع عن قبول الرحمة الالهية ، أو نور الشفاعة النبوية ، ويخلد صاحب هذه الكبيرة في النار ، قال : وكذا صدور بعض المعاصي ـ ولو مرةً ـ كقتل المؤمن متعمداً ، كاشف عن كون مرتكبه غير معتن بشأن الدين ، ولامعتقد بأمر الآخرة. ٣
ويمكن الجمع بين هذا الوجه ـ أي الوجه الرابع ـ وبين الوجه الأول ، وهو قولهم بعدم قبول توبة قاتل المؤمن متعمداً ، وذلك بأن نقول : إن قاتل المؤمن لدينه ، والذي هو أبرز مصاديق الاستحلال ، سوف لا يوفق للتوبة ، بمعنى أنه لا يختار التوبة ، فيكون مخلداً في النار.
________________
١. مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٩٠. |
٢. الدر المنثور ، ج ٢ ، ص ٦٣١. |
٣. راجع : تفسير القرآن الكريم ، ج ٤ ، ص ٣٥٧.