يصرح برجوعه بقوله : ( أما أنا والذي لاح لي بما أنا مشتغل به من الرياضات العلمية والعملية ... ) الخ.
والحق أن عبارة صدرالدين الشيرازي في كتاب العرشية دالة على رجوعه عن نظرية الخلود النوعي وإقراره بالخلود الشخصي ، لأنّه حتى لو سلّمنا دلالة عبارته على رجوعه عن القول بتبدل العذاب إلى العذب ، فإنّها أيضاً إقرار بالخلود الشخصي ، وذلك لأن صدرالدين الشيرازي قد صرح في كتاب الأسفار وشواهد الربوبية والعرشية باتفاق الفلاسفة والعرفاء على عدم خروج الكفار من جهنم وخلودهم فيها إلى ما لا نهاية مع اختلافهم في خلودهم في العذاب. ١
فالشيخ العلامة في نظرية الخلود النوعي ، كان يذهب إلى بقاء الكفار في النار بعد انتهاء مدة العقاب ووصولهم إلى نوع من الراحة والسعادة وهم في جهنم ، وقد تمسك في تأييد رأيه هذا على أقوال العديد من العرفاء. فرجوعه عن القول بتبدل العذاب إلى العذب ، وإقراره بكون الجحيم محلاً للعذاب الدائم وليس مكاناً للراحة ، وقبوله بعدم خروج الكفار من النار أبداً ، معناه أن العذاب دائم على كل فرد من اهل النار ، فيثبت بذلك الخلود الشخصي في العذاب. على أن قوله : « وفيها العذاب الدائم لكن آلامها متفتة متجددة على الاستمرار بلا انقطاع ، والجلود فيها متبدلة ، وليس هناك موضع راحة واطمئنان » فيه من الاشارة إلى الخلود الشخصي ما لا يخفى.
الفيض الكاشاني حذا باستاذه صدرالدين الشيرازي في مسألة الخلود في جهنم حذو النعل بالنعل ، فتبنى الرأي القديم لاستاذه ، وهو نظرية الخلود
________________
١. راجع : الأسفار ، ج ٩ ، ص ٣٤٦ ، ٣٤٧ ؛ شواهد الربوبية ( المقدمة ) ، ص ٣١٣ ؛ العرشية ، ص ٩٣.