ويحصل من الطاعة والعصيان أثر في باطن النفس ، وإذا وقعت النفس في صراط الشهوات ، فان تكرر المعاصي والأعمال القبيحة من النفوس الشريرة يجعل باطن وملكوت النفس أن يظهر بصورة غير الصورة الظاهرية للإنسان ، وبالنتيجة تصبح بالتدريج منحرفة عن الصراط الانساني ، ومع أن أصل الفطرة باقية ولها آثار بحسب تكوينها من العبودية والإقرار بالتوحيد ، إلّا أنها تضعف قليلاً قليلا نتيجة انحرافها التدريجي عن الصراط الانساني والملكات الحاصلة من الشرارة وحب الدنيا ، والصور المترتبة على النيات السوء تكون لها في مقابل الفطرة الذاتية بنيان وأساس مستحكم بحيث يتحول إلى طبيعة ثانوية وطبيعة ذاتية غير قابلة للزوال ، فان تخلف العذاب في هذه الصورة والخروج من الجحيم وعدم التأذي بنار الطبيعة وانقطاعها عن المبتلين بالجهل المركب من الأشقياء والكفار ، هو نفس المعلول عن العلة التامة ، وبمنزلة جواز انفكاك الذاتيات من الذات. ١
وجه الآشتياني حملة قاسية على العرفاء القائلين بانقطاع العذاب عن الكفار ، إذ يقول عنهم : إن العرفاء مهما أعجزوا في مقام تقرير الذوقيات ، ولكنهم في البرهانيات عاجزون ومغلولوا الأيدي ، ومسألة بهذه الأهمية ـ أي بحث الخلود في جهنم ـ التي تعتبر من الأركان وأصول العقائد ومن نفائس المعارف الإنسانية ، نراهم يحلونها بمطالب شعرية ضعيفة ، بحيث إن بعض هذه المطالب أوهن من بيت العنكبوت. ٢
وقال في موضع آخر. بأن الوجوه المذكورة في كلمات العرفاء ( نظماً
________________
١. راجع : المصدرين السابقين ، ص ٣٦٣ ، ٣٦٤ ؛ ص ٣٣٣ ، ٣٣٤.
٢. المصدرين السابقين ، ص ٣٦٧ ؛ ص ٣٣٧ ( التعليقة )