وانما التصريح بخلود الكفار فيها ، وهو يستحق بأنهم لا يخرجون منها مادامت موجودة ، أما إنها تنقطع أو تدوم فهذا شيء آخر ليس في القرآن ما يقطع به. ١
يذهب الدكتور صادقي إلى القول بفناء النار وفناء أهلها قائلاً : إن الآيات القرآنية التي تثبت الخلود في النار وتنفي الموت عن المعذبين وعدم خروجهم منها ، هذا كله صحيح ، مثل قوله تعالى : ( لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ ). ٢ وقوله تعالى : ( ... لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا ... ) ٣ فهذه الآيات القرآنية تنفي الموت في النار ، وكذلك تنفي تخفيف العذاب عنهم في النار ، ولكن تنفيها عنهم ماداموا في النار ، ولا تنفى موتهم مع خمود النار ، وكذلك قوله تعالى : ( وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ) ٤ يعني لا فرار عن النار مع بقائها ، وأما أن يموت أهل النار مع خمود النار فليس محيصاً عن النار ، وكذلك قوله تعالى : ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) ٥ والخروج عن النار يعني بقاءه خارج النار مع بقاء النار ، إنه غير الموت مع خمود النار ، وهكذا فالآيات القرآنية تدلّ على الخلود في النار ، لاخلود النار ، فلا دلالة فيها إلا على الخلود فيها مادامت موجودة ، فلا تنافي فناءهم بفناء النار. ٦
وتمسك الدكتور صادقي في اثبات فناء النار وفناء أهلها بعدد من الأدلة منها :
١. النار إنما خلقت تخويفاً للمؤمنين وتطهيراً للخاطئين ، فهي إذاً طهرة من الخبائث والأدران التي اكتسبتها النفس في عالم التكليف ، وإذا أصبحت
________________
١. محمود شلتوت ، الاسلام عقيدة وشريعة ، ص ٤٣ ، ٤٤. |
٢. الاعلى ، ١٣. |
||
٣. فاطر ، ٣٦. |
٤. النساء ، ١٢١. |
٥. الحج ، ٢٢. |
|
٦. راجع : تفسير الفرقان ، ج ١٥ ، ص ١٣١ ـ ١٣٦ ؛ عقائدنا ، ص ٣٢٠ ـ ٣٢٥.