الماضي يمنعه في المستقبل ، فدوام الفعل ممتنع عنده على الرب في المستقبل ، كما هو ممتنع عليه في الماضي. ١
أما النسفي ( المتوفى ٧١٠ ه ) فقد علّل قول جهم بفناء الجنة ، لكون جهم يذهب إلى أنه تعالى وصف بأنه الأول والآخر ، وتحقيق وصف الأولية بسبقه بعد فناء الكل ، فوجب القول به ضرورة ، ولأنه تعالى باقٍ وأوصافه باقية ، فلو كانت الجنة باقية مع أهلها لوقع التشابه بين الخالق والمخلوق ، وذا محال.
وقال في جوابه : إن الأول في حقه هو الذي لا ابتداء لوجوده ، والآخر هو الذي لا انتهاء له ، وفي حقنا الأول هو الفرد السابق ، والآخر هو الفرد اللاحق ، واتصافه بهما لبيان صفة الكمال ونفي النقيصة والزوال ، وذا في تنزيهه عن احتمال الحدوث والفناء لا فيما قالوه ، وأنّى يقع التشابه في البقاء وهو تعالى باق لذاته وبقاؤه واجب الوجود ، وبقاء الخلق به وهو جائز الوجود ؟. ٢
يذهب أبو الهذيل إلى القول بفناء حركات أهل الجنة والنار دون فناء الجنة والنار ، قال ابن حزم : وقال أبو الهذيل. إن الجنة والنار لا يفنيان ولا يفنى أهلها إلا أن حركاتهم تفنى ويبقون بمنزلة الجماد لا يتحركون ، وهم في ذلك أحياء متلذذون أو معذبون. ٣
وأشار اليه أيضاً ابن الراوندي ، ٤ وقد تصدى الخياط على الرد لابن الراوندي والدفاع عن أبي الهذيل بعد استعراض ما قاله ابن الراوندي ( المتوفى ٢٩٨ ه ) بقوله : قال الملحد : وقد كان أبو الهذيل يزعم أن أهل الجنة مع زوال
________________
١. شرح العقيدة الطحاوية ، ج ٢ ، ص ٤١٨ ، ٤١٩. |
٢. تفسير النسفي ، ج ١ ، ص ٧١. |
٢. الفصل في الملل والنحل ، ج ٢ ، ص ٣٩٥.
٤. راجع : ابن الراوندي ، فضيحة المعتزلة ، ص ١٦٤.