والأثر السيء الذي يجزي به المولى عبده لتمرده عليه مما يصدق فيه تعالى ، ولكن لا يستلزم كون العذاب انتقاماً بهذا المعنى إشكالاً البتة. على أن هذا الإشكال لو تم لورد في مورد العذاب المؤقت المنقطع في الآخرة ، بل في الدنيا أيضاً. ١
جلال الدين الآشتياني يحاول وبإصرار شديد على إثبات الخلود في العذاب للكفار ، يتمسك في ذلك بأدلة شرعية وعقلية ويردّ على أدلة القائلين بانقطاع العذاب مع اعترافه بكون الخلود في العذاب ليس من ضروريات الاسلام ، يقول الآشتياني : صحيح أن ضروري الاسلام هو الخلود في جهنم لا خلود العذاب ، ولكن الدليل المحكم من العقل والشرع قائم على سرمدية ودوام العذاب للكفار والمشركين ، وانقطاع العذاب عن العاصين والموحدين. ٢
وبالنسبة إلى دليله الشرعي في إثبات دوام العذاب يقول الآشتياني : مطابق ما يفهم من النصوص وظواهر الكتاب والسنة في مسألة العذاب وخلوده ومسألة النيران وجهنم ودركاته ، هو أن دار جهنم مكان للعذاب والآلام ، والعذاب والآلام متعلق بالروح والجسم كليهما ، ولا ينحصر في أحدهما دون الآخر. ويفهم أيضاً بأن الوقوع أو الخلود في جهنم ملازم مع العذاب ، وشدة وضعف العذاب تابع لقوة وضعف علل وأسباب أنواع العذاب ، وأيضاً انقطاع العذاب ودوامه تابع أيضاً لمبدأ العذاب الأخروي ، ومبدأ العذاب سواء كان على نحو الدوام أو على نحو مؤقت تابع لنحو رسوخ مباديء الآلام في باطن نفس العاصي والمشرك والكافر ، ولذلك القول بالاستقرار في النار وانفكاك
________________
١. راجع : تفسير الميزان ، ج ١ ، ص ٤١٣ ـ ٤١٦.
٢. راجع : جلال الدين الآشتياني ، شرح بر زاد المسافر ، ص ٣٥٧ ؛ مقدمة اصول المعارف ، ص ٣٢٤.