المحرمات ، فالتجاوز لحقوق الآخرين أكبر معصية عند الله ، ولا يليق بالرحمة ، وليس من عدله أن يترك الظالمين والطغاة الذين عاثوا الفساد في الأرض وقتلوا الأبرياء ، وارتكبوا أنواعاً من الظلم والفساد ، أو الذين تصدوا لمحاربة الأنبياء والمرسلين ، وكذبوا بالرسالات الالهية ، لانهم ليسوا مقصرين في حق أنفسهم فقط ، كما هو واضح ، فترك عقاب هؤلاء هو عين الظلم ، تعالى الله عن ذلك. على أن ترك التكاليف العبادية أمثال الصوم والصلاة يلازمه في كثير من الأحيان الفساد الاجتماعي ، لأنه يؤدي إلى تشجيع الآخرين على تركها ، فيكون تضعيفاً للدين وإشاعةً للفساد. كما أن وجهه الثالث مبني على القول بالجبر الذي هو بديهي البطلان.
يذهب محمد إقبال إلى انه ليس في الاسلام لعنة أبدية ، وأن لفظ الأبدية الذي جاء في بعض الآيات وصفاً للنار ، يفسره القرآن نفسه بأنه حقبة من الزمان ، قال تعالى : ( لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) يرى أن النار كما يصورها القرآن ليست هاوية من عذاب مقيم يسلطها عليهم للانتقام ، بل هي تجربة للتقويم قد تجعل النفس القاسية المتحجرة تحس مرة أخرى بنفحات حية من رضوان الله. ١
محمد إقبال يتمسك في إثبات انقطاع العذاب بقوله تعالى : ( لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) وقد أثبتنا فيما سبق في الفصل الثاني أن هذه الآية لاتدل على انقطاع العذاب.
________________
١. محمد بو عزيزي ، محمد اقبال فكره الديني والفلسفي ، ص ٤٤٤ ؛ وراجع : محمد اقبال لاهوري ، احياى فكر دينى در اسلام ، ص ١٤٢.