عصى الله عزّوجلّ ورسوله صلىاللهعليهوآله في هذه المواريث ويتعدى حدوده فيها مستحلاً لحرمات الله ومعانداً للحق ومصراً على ذلك ، لا يكون إلا كافراً ، فيكون مستحاقً للعذاب الأبدي الخالد ، فيدخله الله النار الخالدة ، فيكون هذا العذاب إهانة له ، كما تكون الجنة كرامة للمؤمنين ، والخلود في النار كما قلنا أبدي لمقابلته بآية الخلود في الجنة ، وبما أن المقصود من الخلود في الجنة هو الدوام بدليل الشرع والعقل ، فالمقصود من الخلود في النار أيضاً هو الدوام الأبدي للمقابلة.
وقد تكرر مضمون هذه الآية في سورة الجن في قوله تعالى : ( وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) وقيده بالتأييد لتأكيد الخلود بكونه أبداً وليس منقطعاً ، وقد حمل المفسرون المعصية في هذه الآية على المعصية في التوحيد ، قال العلامة الطباطبائي : والمراد بالمعصية ـ كما يشهده سياق الآيات السابقة ـ معصية ما أمر به من التوحيد أو التوحيد وما يتفرغ عليه من أصول الدين وفروعه ، فلا يشمل التهديد والوعيد ، بخلود النار إلا الكافرين بأصل الدعوة دون مطلق أهل المعصية المتخلفين عن فروع الدين ، فالاحتجاج بالآية على تخليد مطلق العصاة في النار في غير محله. ١ فليس بعيداً أن تكون هذه الآية ، وهي قوله تعالى : ( وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ... ) الآية ، شاملةً للكفار وللمستحلين للمحرمت معاً.
إتفق المفسرون أن لفظ الخلود استعمل في القرآن بمعنى الدوام الأبدي إلّا الأشاعرة ، حيث حملوا معنى الخلود على الثبات المديد الأعم من الدوام
________________
١. راجع : تفسير الميزان ، ج ٢ ، ص ٥٢.