الاصرار على العصيان مع عدم استشعار الخوف والندم لا يجتمع مع الايمان الصحيح بعظمة الله وصدقه في وعده وعيده ، فالخلاف بين المفسرين حسب رأيه لفظي. ١
وحكى الآلوسي عن الكلبي قوله : يتعد حدوده في القسمة المذكورة استحلالاً ، ٢ وخصّ الرازي الآية بالكفر بقرينة قوله : ( وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ) فلوكان المراد به نفس ما يراد من قوله : ( وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) للزم التكرار. وقال أيضاً : قالوا إن الآية محمولة على تعدي الحدود المذكورة في المواريث ، قلنا : هب أنها كذلك ، ولكن تعدي الحدود باعتقاد أنها واقعة لا على وجه الحكمة والصواب ، وعلى هذا يكون هذا الوعيد مختصاً بالكافر الذي لا يرضى بما ذكره الله في هذه الآية من قسمة المواريث. ٣
وأشار الشيخ الطوسي أيضاً إلى هذا المعنى بقوله : مع تسليم كون الآية شاملة لأهل الصلاة يمكن أن تحمل الآية على من يتعدى الحدود مستحلاً لها فانه يكون كافراً. ٤
وقوله : ( يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا ) أي يدخله ناراً خالداً في النار إلى الأبد.
وقوله : ( وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) قال العلامة الطبرسي : سمّاه مهيناً لأن الله يفعله على وجه الاهانة ، كما أنه يثيب المؤمن على وجه الكرامة. ٥ وذهب الشيخ محمد عبده والآلوسي إلى أنه تعالى أراد بالعذاب المهين عذاب الروح بالاهانة ، أي أن هذا العاصي يعذب في النار من حيث هو حيوان يتألم وروحه تتألم بالاهانة من حيث هو انسان يشعر بمعنى الكرامة والشرف. ٦
بمعنى هذه الآية اجمالاً : هذه هي حدود المواريث التي بينّاها ، فمن
________________
١. راجع : المصدر السابق. |
٢. روح المعاني ، ج ٤ ، ص ٢٣٣. |
٣. راجع : تفسير الكبير ، ج ٩ ، ص ٢٢٩.
٤. راجع : تفسير التبيان ، ج ٣ ، ص ١٤١. |
٥. مجمع البيان ، ج ٣ ص ٣٧. |
٦. راجع : تفسير المنار ، ج ٤ ، ص ٤٣٣ ، ٤٣٤ ؛ روح المعاني ، ج ٤ ص ٢٣٤.