محمد عبده فقد ذهب إلى أن هذه الآية تتناول الأحكام التي ذكرت من أول السورة إلى ما قبل هذه الآية ١ والآلوسي أيضاً تبنّى هذا الرأي فقال : تتناول الاحكام المذكورة في شؤون اليتامى والمواريث وغيرها. ٢
قوله : ( وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) أي من يعص الله ورسوله في المواريث ، ونقل الفخر الرازي عن بعضهم قوله : بل هو عام يدخل فيه هذا وغيرهم من المعاصي ، لأن اللفظ عام فوجب أن يتناول الكل ، أقصى ما في الباب أن هذا العام إنما ذكرت عقيب تكاليف خاصة. ٣ ولكن الصحيح أن الآيات التي ذكرت قبل هذه الآية تكون مخصصة لها فتكون شاملة للمواريث فقط.
قوله ( وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ) قال الشيخ الطوسي : المراد به من يتعدى جميع حدوده ، ومن كان كذلك فعندنا يكون كافراً ، ٤ وذهب اليه أيضاً العلامة الطبرسي. ٥
أما الشيخ محمد عبده فيفسره بأن ارتكاب المعاصي والمحرمات استحلالاً وعمداً هو بمعنى تعدي الحدود فيخرج الانسان من حد الايمان إلى حد الكفر ، قال : أن يقدم المرء على الذنب جريئاً عليه متعمداً ارتكابه له عالماً بتحريمه مؤثراً له على الطاعة بتركه ، لا يصرفه عنه تذكر النهي والوعيد عليه ، فهذا هو الذي أحاطت به خطئته حيث آثر طاعة شهوته على طاعة الله ورسوله ، فصدق عليه قوله تعالى : ( بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )٦
فالتعدي لحدود الله عند الشيخ عبده يحصل باستحلال المعاصي والمحرمات التي حرمها الله تعالى ، ولا يحتاج إلى تعدي جميع حدود الله ، لأن
________________
١. راجع : تفسير المنار ، ج ٤ ، ص ٤٢٧.
٢. راجع : روح المعاني ، ج ٤ ، ص ٢٣٣. |
٣. التفسير الكبير ، ج ٩ ، ص ٢٢٧. |
٤. راجع : تفسير التبيان ، ج ٥ ، ص ٢٥٤.
٥. راجع : مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٢٠. |
٦. تفسير المنار ، ج ٤ ، ص ٤٣٣. |