يحسن منه أن يفعل به من العقاب إلّا عشرة أجزاء ، فأما العشرة الأخرى فإنها تسقط بالثواب الذي قد استحقه على ما أتى به من الطاعة ، ١ وهذا هو القول بالموازنة.
إتفقت المعتزلة البصريون والبغداديون على عدم جواز العفو عن مرتكب الكبيرة سمعاً ، واختلفوا في جوازه عقلاً ، فقال البصريون : إنه يحسن من الله تعالى أن يعفو عن العصاة ، وأن لا يعاقبهم ، ولكنه أخبرنا أنه يفعل بهم ما يستحقونه ، وقال البغداديون : إن ذلك لا يحسن من الله تعالى إسقاطه ، بل يجب عليه أن يعاقب المستحق للعقوبة لا محالة ، واستدلوا على عدم جوازه بكون العقاب لطفاً من جهة الله تعالى ، واللطف يجب أن يكون مفعولاً بالمكلف على أبلغ الوجوه ، ولكن يكون ذلك إلا والعقاب واجب على الله تعالى. ٢
واستدل القاضي عبد الجبار على جواز العفو عقلاً وفساد مذهب البغداديين بقوله : إن العقاب حق الله تعالى على الخصوص ، وليس في إسقاطه إساقط حق ليس من توابعه وإليه استبقاؤه فله استقاطه كالدين ، فانه لمّا كان حقاً لصاحب الدين خالصاً ، ولم يتضمن إسقاط حق ليس من توابعه ، وكان اليه استبقاؤه ، كان له أن يسقطه ، كما أن له أن يستوفيه كذلك في مسألتنا. ٣
اتفقت الاُمة الاسلامية على أن للنبي صلىاللهعليهوآله شفاعة ثابتة للأمة ، واختلفوا فيمن تثبت له الشفاعة ، فقالت المعتزلة إن الشفاعة للتائبين من المؤمنين لأنّ الشفاعة عندهم لزيادة المنافع ، ٤ فلا تشمل الفساق لأنّ الشفاعة مع الاصرار
________________
١. راجع : شرح الاصول الخمسة ، ص ٦٢٨ ، ٦٢٩.
٢. راجع : شرح الاصول الخمسة ، ص ٦٤٣ ؛ المرتضى علم الهدى ، شرح جمل العلم والعمل ص ١٤٤.
٣. راجع : المصدر السابق.
٤. رجع : المصدر السابق ، ص ٦٨٧ ، ٦٨٨ ؛ شرح جمل العلم والعمل ، ص ١٥٦.