الجنة لا محالة ، فاذا دخل الجنة فلا يخلو إما أن يدخلها مثاباً أو متفضلاً عليه ، لأنّ الاُمة إتفقت على أن المكلف إذا دخل الجنة فلابد من أن يكون حاله متميزاً عن حال الولدان المخلّدين وعن الأطفال والمجانين ، ولا يجوز أن يدخل الجنة مثاباً ، لأنّه غير مستحق ، وإثابة من لا يستحق قبيحة ، والله تعالى لا يفعل القبيح. ١
ان الفاسق بفسقه يستحق العقاب ، واستحقاق العقاب يبطل ما كان ثابتاً قبل ذلك من استحقاق الثواب ، وذلك لأنّ العقاب مضرة خالصة دائمة ، والثواب منفعة خالصة دائمة ، والجمع بينهما محال ، فكان الجمع بين استحقاقيهما محالاً ، فاذا ثبت استحقاق العقاب وجب أن يزول استحقاق الثواب. ٢
يلزم حسن ذم من أحسن الينا بأعظم ما يمكن أن يكون من الاحسان على أقل ضرر صدر منه ، واللّازم باطل ، فالملزوم مثله. ٣
ويوضحه الشيخ الطوسي ( المتوفىٰ ٤٦٠ ه ) بقوله : وقولهم إنه معلوم ضرورة قبح الذم على الإساءة الصغيرة ، نحو كسر قلم لمن له إحسان عظيم وإنعام جليل نحو تخليص النفس من الهلاك والإغناء بعد الفقر والإعزاز بعد الذل ، ولم يقبح ذلك إلا لبطلانها في جنب ذلك الاحسان بدلالة أنها لو انفردت
________________
١. راجع : المصدر السابق ، ص ٦٦٦ ، ٦٦٧ ؛ العلّامة الحلي ، مناهج اليقين في اصول الدين ، ص ٣٥٦.
٢. الفخر الرازي ، الاربعين في اصول الدين ، ص ٢٤٠ ؛ وراجع : مناهج اليقين في اصول الدين ، ص ٣٥٤ ؛ شرح المواقف ، ج ٤ ، ص ٣٣٢.
٣. مناهج اليقين في اصول الدين ، ص ٣٥٤.