مصيرهم إلى النار ، والمنع من دخول الجنة هنا مطلق ، كما في الآية السابقة غير مقيد بزمان معين ، فهو منع دائمي ، فيكون بقاؤهم في النار أيضاً دائمياً وأبدياً.
قول بعضهم : إن أهل النار يعذبون فيها إلى وقت محدود ، أو أياماً معدودة ، ثم يخرجون منها ويخلفهم فيها قوماً آخرين ، وقد نسب ابن القيم الجوزية ١ هذا القول إلى اليهود.
أما الشيخ صدر الدين الشيرازي ٢ فقد قال : إعلم أن بعض الممكورين بالعقل ـ من ضلال الملاحدة وجهال الفلاسفة والطباعية وغيرهم ـ لفرط غفلتهم وغلبة مغاليط ظنونهم ، قد ظنوا أن قبائح أعمالهم وفضائح أفعالهم لا تؤثر في صفاء أحوالهم ، فاذا فارقت الأرواح الأجساد يرجع كل شيء إلى أصله ، فالأجساد ترجع إلى العناصر ، والأرواح ترجع إلى حظائر القدس ولايزاحمها شيء من نتائج الأعمال إلا أياماً معدودة ، كما حكى الله عنهم في قوله : ( وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً )٣
وقد كذبهم القرآن بقوله : ( بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ، ٤ أي أن ارتكاب السيئة وكبائر المعاصي ليس هو الموجب لخلود الانسان في نار جهنم ، بل أن تكون تلك المعاصي محيطة بوجود الانسان بحيث لاتدع له مجالاً للهداية وطريقاً إلى النجاة ، فتسوق الانسان إلى الكفر والشرك بالله تعالى. فالاصرار على السيئة وعدم
________________
١. راجع : حادي الارواح ، ص ٢٤٨.
٢. صدر الدين الشيرازي ، تفسير القرآن الكريم ، ج ٥ ، ص ٢٩٠.
٣. البقرة ، ٨٠. |
٤. البقرة ، ٨١. |