أجمع المتكلمون عدا قليل منهم على خلود الكفار في النار ، واختلفوا في مرتكب الكبيرة ، فقال بعضهم بخلودها فيما نفاه البعض الآخر ، وبناءً على ذلك يلزمنا البحث عن آراء المذاهب الاساسية من السنية والشيعية وغيرهم في وعيد مرتكب الكبيرة ، فقمنا في هذا القسم من الموضوع بالتحقيق عن آراء ثمانية من المذاهب الاسلامية الرئيسية التي بحثت في وعيد مرتكب الكبيرة ، وهي : المعتزلة ، والخوارج ، والاشاعرة ، والماتريدية ، والسلفية ، والامامية ، والزيدية ، وأخيراً الاسماعيلية.
وفيما يخص المعتزلة فقد اعتبروا مرتكب الكبيرة خارجاً من الايمان وغير داخل في الكفر عندهم ، فجعلوه في منزلة بين منزلتي المؤمن والكافر ، فحكموا عليه بالخلود في النار بناءً على تحابط ثواب طاعاته بالكبيرة التي ارتكبها ، ولم يجوزوا شمول الشفاعة والعفو الالهي في حقه ، واستندوا في إثبات ما ذهبوا اليه إلى أدلة نقلية ، وهي عمومات آيات الوعيد ، وبعض الأحاديث التي نسبوها إلى النبي صلىاللهعليهوآله واُخرى عقلية مبتنية على نظرية التحابط.
وبعد التحقيق في أدلة المعتزلة ومبانيهم في وعيد مرتكب الكبيرة ، فقد ثبت بطلان نظرية التحابط ، وبذلك يثبت بطلان أدلتهم العقلية المبتنية على التحابط وبخصوص أدلتهم النقلية فقد ثبت أيضاً بأن آيات الوعيد غير شاملة للفساق ، بل هي مختصة بالكفار ، وعلى فرض عموميتها فهي معارضة مع آيات تتضمن القطع بغفران الله تعالى لمستحقي العقاب إضافة إلى الأدلة العقلية التي تثبت انقطاع العذاب عن مرتكب الكبيرة ، أما الاحاديث التي نسبوها إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقد بان بأنها مطروحة بمعارضتها للكتاب والسنة الصحيحة.
أما الخوارج فبما أنهم اعتبروا فعل الطاعات واجتناب المحرمات من شرائط الايمان ، فقد جعلوا مرتكب الكبيرة خارجاً من الايمان وداخلاً في الكفر ، بل إن بعض فرقهم اعتبر مرتكب مطلق المعصية صغيرها أو كبيرها