يقول جان ناس : الدين الزرادشتي أول دين في العالم تحدث عن مسألة الحياة الآخرة والقيامة ، وطرح مسألة آخر الزمان بمفهوم كامل. ١
وفيما يخص بمسألة السعادة والشقاوة للنفوس يقول زرادشت : إن يوم الحساب قريب ، وفي ذلك اليوم ينتصر الإله الواحد على الشر ، عندئذ يبعث الموتى ويقع النجم المذنب على الأرض ، فتشتعل وتذوب جميع المعادن ، فتنتشر على الأرض كأنها سيل ملتهب ، وعلى كل الناس الأحياء والأموات المبعوثين أن يعبروا مجرى السيل الذي يبدو للأرواح الخيرة وكأنه لبن دافيء ، فيطهّرهم المرور به ويمضون منه إلى الجنة ، وأما الأرواح الشريرة فتظل تحترق إلى الأبد خالدة في المعدن الملتهب. وعندئذ يطرد الإله الخير روح الشر وكل من يتبعه من الأرواح الخبيثة إلى وسط الأرض ويدعها فيها إلى الأبد ، وفي ذلك اليوم يبدأ العالم السعيد الخير الذي لا شر فيه ويدوم سرمدياً. ٢
وعقيدة الزاردشتيين في الجنة والنار قريبة الشبه عن المفهوم الاسلامي للجنة والنار ، فهم يعتقدون بأن هناك قنطرة ، وهو الصراط ، ولابد لأرواح الموتىٰ بأجمعها أن تجتاز الصراط ، فالأرواح الطيبة تجتازها وتصل إلى الجانب الآخر حيث تلقاها وترحب بها فتاة عذراء ذات قوة وبهاء ، وصدر ناهد مليء ، وهناك تعيش مع ( اهوارا ـ مزدا ) ـ أي الإله ـ سعيدة منعمة إلى أبد الدهر.
وأما الروح الخبيثة فلا تستطيع أن تجتاز الصراط ، فتتردى في درك من الجحيم يتناسب عمقه مع ما اقترفت من ذنوب ، ولم يكن هذا الجحيم مجرد دار سفلى تذهب اليها كل الأرواح طيبة كانت أو حبيثة ، كما تصفها الاديان الأقدم عهداً من الدين الزرادشتي ، بل كانت هاوية مظلمة مرعبة تعذب فيها الأرواح المذنبة أبد الآبدين. فاذا كانت حسنات الانسان ترجح على سيئاته
________________
١. راجع : تاريخ جامع أديان ، ص ٤٦٣. |
٢. قصة الديانات ، ص ٣٠٠ ، ٣٠١. |