الايلام فذلك لا يوجد واحتج عليه بوجوه :
الأول : أن ذلك العقاب ضرر خال عن النفع فيكون قبيحاً.
الثاني : إن العبد يقول يوم القيامة ، يا إله العالمين هذه الأشياء التي كلفتني بها وعصيتك فيها ، إن كانت خالية عن الحكمة والغرض ، كان التعذيب على تركها لا يليق بالرحمة ، وإن كانت مشتملة على الحكمة والغرض ، فتلك الحكمة إن عادت اليك فأنت محتاج إلي ، وإن كان المقصود من تكليفي بها عود منافعها إلي ، فلما تركتها فما قصرت إلا في حق نفسي ، فكيف يليق بالحكيم أن يعذب حيواناً لأجل أنّه قصر في حق نفسه ؟
الثالث : أن جميع أفعال العبد من موجبات أفعال الله تعالى ، فكيف يحسن التعذيب منه ؟ ١
يذهب محمد عزة إلى أن آيات الوعيد جاءت لاثارة الرعب والخوف في قلوب الكفار ، وآيات الوعد لاثارة الطمأنينة والغبطة في قلوب المؤمنين. ففي تفسيره للآيات ( ١٠٥ ـ ١٠٧) من سورة هود ، وبعد ذكر عدد من الأقوال في معنى الاستثناء ، قال : والذي نراه أن التعبير من أساليب الوحي القرآني بقرن كل شيء بمشيئة الله تعالى ، إعلاناً بأن كل شيء منوط بامره وإذنه ومشيئته ، وأنه لا ضرورة ولا طائل من التخمين في عبارة متصلة بالحياة الأخروية التي هي حقيقة إيمانه مغيبة وأن الأولى الوقوف منها عندما وقف عنده القرآن ، وملاحظة أن الآيات في جملتها بسبيل إنذار الكفار السامعين ليرعووا ويتوبوا وتبشير المؤمنين ليغتبطوا. ٢
________________
١. معالم اصول الدين ، ص ١٢٢.
٢. محمد عزة دروزة ، التفسير الحديث ، ج ٤ ، ص ٨٧.