( وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ) لخلودهم فيها. ١
وهناك قول آخر في تفسير هذه الآية نقله بعض المفسرين بقولهم : ( قيل ) دلالة على ضعفه ، وهو أنهم ما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية ، بل كانوا يجدون سمومها في قبورهم حسبما قال النبي صلىاللهعليهوآله : « القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من خفر النيران ». ٢
وقال المراغي : ( وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ) أي إنهم لا يغيبون عن الجحيم ، ولا ينفكون عن عذابها ، بل هم ملازمون لها. ٣
فخلاصة معنى الآية هي إن الفجار ، وهم المكذبون والمنكرون للحشر ـ كما قال البروسوي ـ ٤ لفي نار جهنم يلازمونها يوم القيامة ولا يغيبون عنها طرفة عين ، بل يخلدون فيها إلى الأبد ، ففي هذه الآية دلالة على خلود الكفار في نار جهنم وعدم انقطاع عذابهم.
وردت في القرآن أربع آيات يصرح فيها بعدم خروج الكفار من النار ، وقد سبق تفسير ثلاث منها ، أما الآية الرابعة ، وهي قوله تعالى : ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) ٥ وفي نفي الخروج الوارد في هذه الآيات دلالة على الخلود ، لأن عدم خروجهم منها معناه بقاؤهم فيها ، ونفي الخروج مطلق ولم يقيد بمدة معينة ، فيكون البقاء أيضاً دائمياً غير مقيد بمدة معينة ، وهذه الآيات
________________
١. تفسير البيضاوي ، ج ٥ ، ص ص ٤٦١.
٢. راجع : روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٦٢ ؛ روح المعاني ، ج ٣٠ ، ص ٦٦ ؛ تفسير البيضامي ، ج ٥ ، ص ٤٦١ ؛ تفسير الكشاف ، ج ٤ ، ص ٧١٧.
٣. تفسير المراغي ، ج ٣٠ ، ص ٦٩.
٤. راجع : روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٦٢. |
٥. الحج ، ١٩ ـ ٢٢. |