صريحة أنها مختصة بالكفار ، وقد وعدهم القرآن في الكثير من الآيات بالخلود في النار وبالعذاب المقيم ، وهذا مؤيد آخر بكون الآيات القرآنية التي صرحت بعدم خروج الكفار من النار إشارة إلى عدم الخروج الابدي من النار.
وهناك آية أخرى سبق تفسيرها أيضاً صرحت بعدم غيبة الفجار من النار ، وهي قوله تعالى : ( وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ) ، فالمفسرون ذهبوا إلى أن قوله ( وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ) بمعنى قوله : ( وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) وقد ثبت أن هذه الآية دالة على الخلود في النار ، وأنها تعبير آخر عن معنى الخلود فيثبت بذلك أن قوله تعالى : ( وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ) دالّ أيضاً على الخلود ودوام البقاء في النار ، لأن عدم الغيبة عن النار بمعنى عدم الخروج منها والبقاء فيها ، وإذا كان عدم الخروج دائمياً كان عدم الغيبة دائمياً أيضاً.
وهذه الآية أيضاً مختصة بالكفار ، وقد نقلنا أقوال بعض المفسرين في معنى الفجار وفي كون المقصود من الفجار الكفار ، وهناك قرينة أخرى في كون الآية مختصة بالكفار والمكذبين ، وهي قوله تعالى : ( كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ) ١ حيث عبر عن الفجار في ذيل الآية بالمكذبين بالمعاد.
وهناك آيات أخرى يرد فيها سبحانه طلب الكافرين وسؤالهم الخروج من النار ، ففي قوله تعالى : ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ذٰلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) ٢ فلم يردهم سبحانه بقوله مثلاً كلا إنكم لا تخرجون منها ، بل أجابهم بجواب يدلّ على أنه لا سبيل إلى الخروج ، وقال
________________
١. المطففين ، ٧ ـ ١١. |
٢. غافر ، ١١ ، ١٢. |