علماً ، والفلاسفة والغلاة إيماناً بالعبادة الباطنة علماً ، وكفراً بالعبادة الظاهرة عملاً وأشباههم ، أولئك الذين باعوا آخرتهم بتركهم قبول قول أولياء الله وحدوده بما تخيلوه في دنياهم واعتمدوا عقولهم ، ( فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ) أي لا تفارقهم الآلام والحسرات ، ولاهم ممّن يتخلصون مما قد تمكن من أنفسهم ونشأوا عليه من الاعتقادات السقيمة. ١
يقول جعفر بن منصور اليمن في تفسيره لقوله تعالى : ( يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ) ، ٢ قال الحكيم : لاينال الشفاعة من القائم صلوات الله عليه يوم قيامة ـ إشارة إلى يوم القيامة ـ بالسيف إلّا لمن أذن له الرحمن ، يعني إلّا من أتاه باذن الله أتباع الامام الصامت المستور قبل ظهور القائم صلوات الله عليه لأن إذن الله عزّوجلّ بأيدي الأئمة والرسل ، فمن إتبع إمام عصره فهو يدلّه ويشير به إلى القائم بحد السيف من إذن الله.
قال : الشفاعة منه ، وكذلك شفاعة لمن كان من أهل الولاية لهم إلّا أنه قصر عن واجب الأعمال ورضي له عملاً منها في طاعتهم محيى على موالاتهم ومحبتهم ومودتهم ومات عليها ، فرضي الله عمله. ٣
أما بالنسبة إلى العفو الالهي فيذهب إدريس عماد الدين القريشي ( المتوفى ٨٧٢ ه ) إلى عدم شمول العفو الالهي لأصحاب العقاب غير الموالين للأئمة ، ففي شرحه لقول هبة الله الشيرازي وهو قوله : وبه ـ أي بالائمة والأوصياء ـ يرتفع من يرتفع ويتضع من يتضع قال : فالمرتفعون أهل الثواب الراقون إلى عالم اللطافة في زمرته ، والمتّضعون هم أهل العقاب المنكبون على سوء أعمالهم الصائرون بها إلى النار الكبرى المبعدون بها عن عفو الله ورحمته. ٤
__________________
١. راجع : أحمد حميد الدين الكرماني ، راحة ، العقل ، ص ٥٨٩. |
٢. طه ، ١٠٨. |
|
٣. الكشف ، ص ٨١. |
٤. راجع : إدريس عماد الدين القريشي ، زهر المعاني ، ص ٣١٧. |
|