يخرجون منها ، وأن النار تبقى خالية بجملتها خاوية على عروشها ، وأنها تفنى وتزول فهو خارج عن متقضى المعقول ، ومخالف لما جاء به الرسول ، وما أجمع عليه أهل السنة والأئمة العدول. ١
الظاهر أن الشيخ محمد عبده يذهب إلى القول بفناء النار تبعاً لابن القيم الجوزية ، مع أنه لم يبرز رأيه صريحاً في هذه المسألة ، ولكنه نقل في تفسيره ( المنار ) قول ابن القيم بفناء النار بتفصيله بما يقارب ثلاثين صفحةً ، وفي ختامه يثني مادحاً لابن القيم وداعياً له إلى أن يكافئه الله أفضل ما يكافيء العلماء العاملين ويقول : فما أعظم ثواب ابن القيم على اجتهاده في شرح هذا القول المأثور عن بعض الصحابة والتابعين ، وإن خالفهم الجمهور الذين حملوا الخلود والأبد اللغويين في القرآن على المعنى الاصطلاحي الكلامي وهو عدم النهاية في الواقع ، ونفس الأمر بالنسبة إلى تعامل الناس وعرفهم في عالمهم. ٢ ويوكل البحث عن هذه المسألة إلى تفسيره للآية ( ١٠٥ ـ ١٠٧ ) من سورة هود ، ويقول هناك بعد أخذ وردّ : إن رحمة الله تعالى أوسع وأكمل ، وإرادته أعم وأشمل ، فلا يقيدهما شيء ولا يحيط بهما إلّا علمه. ٣
الشيخ شلتوت كان من علماء الأزهر المتأخرين ، وهو يرى أنه لا يوجد في القرآن نصّ قطعي على دوام العذاب ، وأن خلود الكفار في جهنم متوقف على وجود جهنم وبقائها ، قال : ليس في القرآن نص قطعي صريح في دوام النار ،
________________
١. محمد بن أحمد القرطبي ، التذكرة ، ص ٥١٢.
٢. راجع : محمد رشيد رضا ، تفسير المنار ، ج ٨ ، ص ٩٩.
٣. راجع : المصدر السابق ، ج ١٢ ، ص ٢١٥ ، ٢١٦.