عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) ١ والفرق بين هذه الآية وبين التي وردت في سورة هود أن هذه الآية أمر من الله سبحانه لنبينا صلىاللهعليهوآله ليخاطب به مشركي مكة تهديداً ووعيداً لهم ، أما الآية التي وردت في سورة هود فهي مقول قول النبي نوح عليهالسلام خاطب به الكفار المستهزئين به من قومه ووعدهم بالعذاب المقيم الدائم يوم القيامة.
الشيء المشترك بين هذه الآيات هي أنها واردة في حق الكفار والمشركين والمنافقين ، والمفسرون متفقون على خلود هؤلاء في النار ، وذهبوا إلى أن لفظ ( مقيم ) في هذه الآيات بمعنى الدوام الأبدي ، بل وحتى المخالفون للخلود الأبدي يفسرونه بالدوام. ٢
إستندوا بالآيات القرآنية التي ذكر فيها عدم الخروج من النار أو عدم غيبتهم منها ، ومن هذه الآيات :
١. قوله تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ). ٣
قوله : ( وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ) أي قال الأتباع ( لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ ) لو : للتمني ، والكرة : الرجوع ، أي ليت لنا كرة ورجوعاً إلى الدنيا ( فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ) أي فنتبرأ من الأنداد المتبوعين في الدنيا كما تبرؤوا منا في الآخرة.
وقوله : ( كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ) أي كذلك يريهم الله أعمالهم ، وهي حبهم واتباعهم الأنداد المتبوعين حسرات عليهم ، وقد قيل في المراد من الأعمال عدة أقوال : ٤
________________
١. الزمر ، ٤٠. |
٢. راجع : ابن القيم الجوزية ، حادي الارواح ، ص ٢٥٥. |
٣. البقرة ، ١٦٧.
٤. راجع : تفسير التبيان ، ج ٢ ، ص ٦٩ ؛ مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢٥١ ؛ تفسير الكبير ، ج ٤ ، ص ٢٣٩.