وفي النتيجة فالمحقق السبزواري مع أنه يقول بخلود الكفار في النار ودوام العذاب عليهم ، يقول عن هذه المسألة : إن المقام من الأسرار التي لا تفهمها العقول وتضّرها وتهلكها. ١
العلامة الطباطبائي في تفسيره القيم ( الميزان ) يطرح بحثاً فلسفياً عن مسألة الخلود في جهنم ، ويشير فيه إلى اختلاف الباحثين في هذه المسألة من حيث النظر العقلي ومن جهة الظواهر اللفظية للكتاب والسنة.
وبالنسبة إلى النظر العقلي يقول العلامة بأن النعمة والعذاب طارئان على النفس من جهة تجردها وتخلقها بأخلاق وملكات فاضلة أو رديّة ، ويقسم النفوس تبعاً للمفهوم القرآني عن السعادة والشقاوة إلى ثلاثة أقسام : نفوس سعيدة ، ونفوس شقية سعيدة الذات ، ونفوس شقية شقية الذات.
وبالنسبة إلى النفوس الشقية السعيدة الذات يقول العلامة : بأن الملكات والهيئات الردية التي اكتسبها لا تكون راسخة للنفس ، ولا تكون ملائمة لذاتها ، وأنها ستزول ، لأن القسر لا يكون دائمياً ولا أكثرياً ، وهذه النفس هي النفس السعيدة ذاتاً ، وعليها هيئات شقية ردية ممكنة الزوال عنها ، كالنفس المجرمة.
وأما بالنسبة إلى النفوس الشقية الشقية الذات فيقول العلامة : بأن الهيئات الردية التي رسخت في النفس حتى صارت صوراً أو كالصور الجديدة تعطي للشيء نوعية جديدة ، كالانسان البخيل الذي صار البخل صورة لانسانيته ، كما صار النطق لحيوانيته الصائرة به نوعاً جديداً تحت الحيوان ، فمن المعلوم أن هذا النوع نوع مجرد في نفسه دائمي الوجود ، وجميع ما كان يصدر عنه بالقسر حال عدم الرسوخ ، فيعذب به ويذوق وبال أمره ، فهي تصدر عن هذا
________________
١. الاسفار ، ج ٧ ، ص ٩٠ ( التعليقة ) : مجموعة رسائل سبزواري ، ص ٢٣٠.