( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ١ حيث عطف سبحانه وتعالى العمل الصالح على الايمان ، والعطف يقتضي المغايرة ، ولو كان العمل من الايمان لكانت الآية تكريراً. ٢
فالايمان ليس من عمل الجوارح ، بل هو من أعمال القلب ، لقوله تعالى : ( ...أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ... ) ، ٣ وقوله تعالى : ( ... إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ... ) ٤ ، ٥ وعلى هذا فمرتكب الكبيرة لا يخرج بارتكابه المعصية عن الايمان ، ويصدق عليه مؤمن ، ولكنه يقيد بالفسق ، فهو مؤمن بتصديقه ، وفاسق بارتكابه المعصية ، وبناءً على ذلك يبطل أيضاً قولهم بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين منزلتي المؤمن والكافر ، لأن مرتكب الكبيرة عندهم ليس بمؤمن.
قال المتكلمون : إنه لا خلاف في أن الكفر يزيل استحقاق ثواب الطاعات السابقة والايمان يزيل استحقاق العقاب السابق ، فيمكن أن يقال باشتراط وصول ثواب الطاعات على عدم حصول الكفر والموت على الايمان ، وكذا حصول العقاب بالكفر مشروط بعدم الايمان والموت على الكفر ، والقرآن الكريم صريح في ذلك : ( ... لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ... ) ، ٦ وما يدلّ على قبول التوبة قبل الموت وسقوط الذنب حينئذ صريح في عكس ذلك. وإنما الخلاف في المؤمن الذي ارتكب الكبائر ، فهل يجوز في حقه اجتماع استحقاق الثواب والعقاب من غير أن يحبط أحدهما الآخر أم لا ؟ والمعتزلة ـ
________________
١. البقرة ، ٢٧٧ ؛ يونس ، ٩ ؛ هود ، ٢٣ ؛ الكهف ، ٣٠ ، ١٠٧.
٢. راجع : اللوامع الالهية ، ص ٣٩١ ؛ العلامة الحلي ، شرح الياقوت ، ص ١٧٩.
٣. المجادلة ، ٢٢. |
٤. النحل ، ١٠٦. |
٥. راجع : المصدر السابق. |
٦. الزمر ، ٦٥