من السماء فهو طهرة لجميع الاشياء ما لم تغلب عليه النجاسة ، وإذا غلبت عليه بطل وذهبت منافعه ، وكذلك الايمان إذا خالطته البدع صار شركاً وبطل الانتفاع به ، ولا ينفع الله ولا يزكي عمل أهله وإن كان جوهر الايمان باقياً من حيث كونه منزّلاً من الله سبحانه في أصله. ١
يقول هبة الله الشيرازي في ذيل تفسيره لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) ٢ بأن الكفر هو الستر ، فسمي الكافر كافراً لستره ما علمه من الحق والايمان ، ثم إن الكافر على قسمين : أحدهما من سحب ذيله على الحق الذي استبانه واستوضحه طلباً لرياسة باطل وحسداً لصاحب الحق على حقه ، وهو شر القسمين كأضداد الأوصياء والأئمة في كل عصر والمتوثبين على مكانتهم في الوصاية والامامة ، والقسم الآخر من تبعهم على رأيهم ، واقتدى بهم في باطلهم اغتراراً ببدعتهم وانخداعاً بخدعهم. ٣
أما الشرك فهو عندهم قسمان أيضاً : شرك بالله ، وشرك بولاية الائمة ، وقد نقل جعفر بن منصور اليمن ( المتوفى ٣٤٧ ه ) حديثاً ، وادعى نسبته إلى النبي صلىاللهعليهوآله في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) ٤ وزعم أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « يقولون في هذا إنه هو الشرك ، وليس هو كما يقولون ، وإنما الاشراك في هذا الموضع أن يشرك بولاية أمير المؤمنين ومن نصبه الله ولياً وإماماً فيجعل معه غيره ويجحد بولايته فقد ضلّ ضلالاً بعيداً ، والشرك بالله غير هذا ، قال تعالى : ( ... مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ
________________
١. راجع : هبة الله الشيرازي ، المجالس المؤيدية ، ص ٣٢٤ ـ ٣٣١.
٢. البقرة ، ٢٤. |
٣. راجع : المجالس المؤيدية ، ص ٣١٩. |
٤. النساء ، ٤٨.