مشركاً ، فالخوارج مجمعون على كفر مرتكب الكبيرة وخلوده في النار ، ولهذا فهو عندهم غير مشمول بالشفاعة ولا بالعفو الالهي ، وتمسكوا في اثبات مدعاهم على غرار المعتزلة بعمومات آيات الوعيد بالاضافة إلى آيات الوعيد الخاصة بالكفار ، واستندوا أيضاً ببعض الأحاديث المنسوبة إلى النبي
أما الأشاعرة فقد خالفوا المعتزلة ، وأقروا بأن مرتكب الكبيرة مؤمن مطيع بايمانه عاص بفسقه ومشمول بالعفو الالهي والشفاعة النبوية ، وبذلك ذهبوا إلى أن مرتكب الكبيرة إذا مات من دون توبة جاز أن يعفو الله تعالى عنه ، فلا يخلد في النار ، لأن الخلود عندهم مختص بالكفار ، وقد استدل الفخر الرازي على إثبات ما ذهبوا اليه بدليل نقضي على مبنى المعتزلة.
والماتريدية مذهبهم في وعيد مرتكب الكبيرة مذهب الأشاعرة ، فهم يرون بأن مرتكب الكبيرة غير المستحل لا يخرج به عن الايمان ، ولو مات من غير توبة ، ونتيجة لذلك قالوا بإرجائه إلى مشيئة الله تعالى ، إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه بقدر ذنبه فلا يخلد في النار.
وبالنسبة إلى السلفية ، فان من روادهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية ، أما ابن تيمية فهو يرى بأن مرتكب الكبيرة لا يخرج بكبيرته من الإيمان ، وأنه مؤمن بايمانه وفاسق بكبيرته ، فيكون مشمولاً بالشفاعة والعفو الالهى ، فلا يخلد في النار وفيما يخص بوعيد الكفار فقد نقل عنه تلميذه ابن القيم والفنوجي والسفاريني قوله بفناء النار وانقطاع العذاب عن الكفار وعدم خلودهم في النار إلى الأبد. وأما ابن القيم الجوزية فقد تبع أستاذه في إنكار خلود الكفار في النار ، وصرح في كتابه « حادي الأرواح » وفي العديد من كتبه الأخرى بفناء النار وانقطاع عذاب الكفار ، واستند في إثبات ماذهب اليه على عدد من الأدلة العقلية والآيات القرآنية ، وبأقوال منسوبة إلى بعض الأصحاب أمثال عمر وابن مسعود وابي هريرة وآخرين.