وقوله : ( وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) قال العلامة الطبرسي : أي حتى يدخل البعير في ثقب الإبرة والمعنى لا يدخلون الجنة أبداً. ١
وقال القرطبي : والجمل لا يلج ، فلا يدخلونها البتة ، وهذا دليل قطعي لا يجوز العفو عنهم. ٢
وقوله : ( وَكَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ) أي ومثل ما جزيناه هؤلاء نجزي سائر المجرمين المكذبين بآيات الله. ٣
فالمعنى إنّ المكذبين لحجج الله تعالى من التوحيد والنبوة والبعث والجزاء ، والمستكبرين عن الايمان بها وقبولها ، لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء حتى يدخلوا الجنة أبداً ، ويستحيل دخولهم فيها كما يستحيل دخول الجمل بحجمه الكبير ثقب الإبرة وهو بحجمه الصغير ، ومثلما جزينا هؤلاء نجازي سائر المجرمين المكذبين بآيات الله.
ويستفاد من هذه الآية في إثبات خلود الكفار المكذبين في النار لأن الانسان عاقبته إما إلى الجنة وإما إلى النار ، فاذا استحال دخوله الجنة إلى الأبد فلابد أن يدخل النار الى الأبد ، ولذلك عقّبه تعالى بقوله : ( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) ٤ فيخلدون في النار إلى الأبد ، لأنهم ممنوعون عن دخول الجنة إلى الأبد.
وهناك آية أخرى تؤكد مضمون هذه الآية ، وهي قوله تعالى : ( ... إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) ، ٥ فالتحريم في هذه الآية تحريم منع لا تحريم عبادة ، ٦ أي أن المشركين ممنوعون من دخول الجنة ، وإذا منعوا من دخول الجنة فلابد أن يكون
________________
١. المصدر السابق. |
٢. تفسير القرطبي ، ج ٧ ، ص ٢٠٦. |
٣. مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤١٩.
٤. الاعراف ، ٤١. |
٥. المائدة ، ٧٢. |
٦. راجع : مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٢٢٨.