وعدمه ، ١ وبناءً على ذلك فقد حملوا معنى الخلود في بعض الآيات القرآنية المشعرة بظاهرها شمولها للعاصين من الموحدين على المكث الطويل ، كآية قتل العمد وغيره من الآيات. ٢
وقد بحثنا في هذا القسم عن ثلاث آيات قرآنية ذكر فيها لفظ الخلود ، وثبت أن لفظ الخلود في هذه الآيات بمعنى الدوام الأبدي باتفاق المفسرين. ففي الآية الأولى ، وهي قوله تعالى : ( بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أن كسب السيئة إلى درجة حتى أحاطت السيئة بكل وجود الإنسان بحيث لاتبقي معه طاعة أو ثواب ، وهذا لا يصدق إلا في حق الكافر فيكون مخلداً في النار إلى الأبد ، وهو ما اتفق عليه المفسرون.
وأما الآية الثانية ، وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ) هذه الآية صريحة أنها في حق الكفار المعاندين الذين أصروا على كفرهم ، فاستحقوا بذلك اللعنة والطرد الأبدي من الرحمة الإلهية ، وتبدلت هذه اللعنة الأبدية عليهم إلى عذاب أبدي وخلود دائمي في النار.
وهناك آية اُخرى تكرر فيها هذا الوعيد ، وهي أيضاً في حق الكفار كقوله تعالى : ( كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ). ٣
والآية الثالثة ، وهي قوله تعالى : ( وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ
________________
١. راجع : تفسير البيضاوي ، ج ١ ، ص ٢٥٢.
٢. راجع : المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٢٣٧. |
٣. آل عمران ، ٨٦ ، ٨٨. |