يلزم تأثير المتناهي أثراً غير متناه ، وهو محال ، نظير تصور المادة بالصورة الانسانية بتوسط علل معدة ، ولا معنى أن يسأل ويقال : إن الآثار الإنسانية الصادرة عن الانسان بعد الموت صدور دائمي سرمدي لحصول معدات مقطوعة الأمر للمادة ، فكيف صار مجموع منقطع الآخر من العلل سبباً لصدور الآثار المذكورة وبقائها مع الانسان دائماً ، لأن علتها الفاعلة ـ وهي الصورة الانسانية ـ موجودة معها دائماً على الفرض ، فكما لا معنى لهذا السؤال لا معنى لذلك أيضاً.
٤. إن أهل الشقاء لا يقصر خدمتهم لنظام التكوين عن خدمات أهل السعادة ، ولولاهم لم تتحقق سعادة لسعيد ، فما هو الموجب لوقوعهم في عذاب مخلد ؟
الجواب : إن الخدمة والعبودية أيضاً مثل الرحمة على قسمين : عبودية عامة ، وهو الخضوع والانفعال الوجودي عن مبدأ الوجود ، وعبودية خاصة وهو الخضوع والانقياد في صراط الهداية إلى التوحيد ، ولكل من القسمين جزاء يناسبه وأثر يترتب عليه ويخصه من الرحمة ، فالعبودية العامة في نظام التكوين جزاؤه الرحمة العامة ، والنعمة الدائمة والعذاب الدائم كلاهما من الرحمة العامة ، والعبودية الخاصة جزاؤه الرحمة الخاصة ، وهي النعمة والجنة ، على أن هذا الإشكال لو تم لورد في مورد عذاب المنقطع ، بل الدنيوي أيضاً.
٥. إن العذاب للعاصي انتقام ، ولا يجوز الانتقام على الله تعالى ، لأنه لا يكون إلّا لجبر النقص ، والله تعالى هو الغني المطلق ، فكيف يجوز منه العذاب المخلد ؟
الجواب : إن العذاب الدائم مستند إلى
صورة الشقاء الذي في الانسان ، وإلى الله سبحانه بالمعنى الذي يقال في كل موجود إنه مستند اليه تعالى لا بمعنى الانتقام وتشفي الصدر المستحيل عليه تعالى ، نعم الانتقام بمعنى الجزاء الشاق