يكون غير جائز الزوال ، ويكون مبدأ حركة النفس في مراتب العذاب وصور منشأ الآلام أمراً ذاتياً وجوهرياً ، وبما أن منشأ الحركة هو باطن الذات ، فان حركته في مراحل العذاب يكون دورياً ، والمتحرك إذا كان حركته من علة موجودة في صميم ذاته ، ولم يتحقق مانع ودافع عن الحركة لا في خارج الذات ولا في باطن الذات ، فيلزم أن يكون عذابه دائمياً وغير قابل للزوال ، ومن هنا فان كون حركة أهالي العذاب وتلبّسهم بالصور المتواردة والمنبعثة دورية وغير مستقيمة ، مما يجعل النجاة غير ميسورة ، وفي مقابل الفطرة الأصلية تحصل فطرة ثانوية في وجود النفس بحيث لا يمكن زوالها بعد تجوهرها وانقطاع العذاب في هذا الموارد ، لا يكون سوى عدم المعلول مع وجود العلة التامة. ١
وفي موضع آخر يطرح هذا الاستدلال بناءً على الحركة الجوهرية ، وذلك رداً على النافين للحركة الجوهرية ، والمعتقدين بأن جوهر النفس في ابتداء الوجود الانساني وقبل ارتكاب المعاصي جوهر مجرد تام الوجود ، وأن النفس لا تصل إلى مقام التجرد العقلي من جهة الحركة الذاتية ، وأنها تبقى في نزاهته الذاتية بعد ارتكاب المعاصي ، فلا تتبدل العرضيات إلى الذاتيات ، وبالنتيجة تزول لمعارضته بالذاتيات ، لأن القسر ليس بأكثري ولا دائمي ، فتزول صورة النار ، ويلحق الشخص المعذب بأهل الايمان وسكان الجنان. فيقول الآشتياني رداً على هؤلاء : بناءً على مسلك أهل الحق ، أي بناءً على الحركة في جوهر النفس الانساني في ابتداء وجوده أمر بالقوة ، وبعد طي الدرجات النباتية والحيوانية تصل إلى مقام العقل الذي هو ملاك التكليف ومميز الحسن والقبح ، ويرجع جميع الأفعال الصادرة منها منطبقة مع الشرع ،
________________
١. راجع : المصدرين السابقين ، ص ٣٥٦ وص ٣٢٢ ، ٣٢٣.