تعودوا على العصيان والتمرد راسخة وباقية وغير قابلة للزوال إلى حد بحيث تصبح عين النفس التي هي منشأ للعصيان ، وبمنزلة أمر جوهري وذاتي للنفس بحيث يستحيل زوالها بدون زوال صاحب النية ، وحسن وقبح العمل ينشأ أيضاً من النية الحسنة والقبيحة ، وموجب العذاب في هذه الصورة أمر دائمي ، ولذلك فالعذاب منبعث من ذات النفوس الشريرة ، ومن هنا فإنه يوجد تلازم وجودي بين النفوس الشريرة وأصحاب النيات الخبيثة ، ويستحيل أن تكون النفس المنحرفة عن الصراط الانساني مبدأً لأعمال الخير ، والمعلول في أطوار الوجود وفي الخسة والشرف والشرية والخيرية تابع للمؤثر والعلة ، قال تعالى : ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ ).
وقال : يستفاد من هذه الرواية عدة قواعد فلسفية ، وهي : ترتب العذاب على الوجود الواقع في جهنم ، والملازمة التامة بين النية السيئة والعذاب ، ووجوب السنخية بين الأثر ومبدئه. ١
وفي خصوص الاستدلال العقلي على أبدية العذاب ، فالآشتياني بالاضافة إلى استناده إلى العقل في توضيح الرواية السابقة قد حاول إثبات خلود العذاب بقاعدة عقلية وهي العلية والمعلولية ، وقد أشار إليه فيما سبق إجمالاً عندما قال بوجود تلازم وجودي بين النية السيئة والعذاب ، فالآشتياني يعتقد بوجود علية ومعلولية بين العذاب ومنشأ العذاب ، فاذا كان منشأ ومبدأ العذاب راسخاً وغير قابل للزوال كان العذاب دائمياً وأبدياً ، فقال : إذا أصبح منشأ العذاب في النفوس الشقية مستحكماً وذا بنيان قوي وغير زائل ، فإن موجب العذاب باق ودائمي ، والتخلص منه محال بهذا المعنى ، وهو أنه إذا صار منشأ حدوث العذاب في الآخرة علةً لبقائه أيضاً بهذا المعنى ، وهو أن
________________
١. شرح بر زاد المسافر ، ص ٣٥٨ ؛ مقدمة اصول المعارف ، ص ٣٢٥ ، ٣٢٦.