وتكبر البليّة فيه ، ولم يسلم من وخز أقلامهم ، فقد نعتوه بنعت مستحيل عقلاً وإن تعذّر إثباته على الإيجاب والسلب ذلك أنّهم غمزوا بعض إنتاجه الضعف وقلّة التركيز والتثبّت وعلّلوه بأنّ مردّه إلى عدم إعادة النظر فيه بعد كتابته ، وهذا مستحيل عقلاً على من هو في مستواه ، أنا لا أنكر أنّ في واحد أو اثنين من كتبه هناك كان الأجدر بمثله أن ينجو منها ، ولكن لا يستغرب الملمّ بهدفه من وجودها لأنّ كتبه « كخوان الكريم » يتّسع لأصناف الناس كافّه ، إنّه يكتب ليقرئه العالم والمتعلّم للفائدة أو للمتعة ، لذلك أنت واجد في جلّها فوائد لهؤلاء وهؤلاء بل في كلّ منها لسان يخاطب المستويات جميعاً على قدر حظوظها من العلم ، فلا بدع أن يصيب العالم فيها ما هو دون مستواه وغيره ما هو فوق مستواه ، فالأوّل لغير العالم كتبه ، والثاني كتبه لذويه أيضاً ، وهذه الحقيقة يلزم اعتمادها لزوماً أكيداً عند ناقديه.
وهذا السبب ربّما ألفيناه وجيهاً لوجود الخلل في جانب محصور من نتاج قلمه البديع وليس من العدل أن نفرغ عليه النعوت الظالمة.
أجل ، إنّ الشيخ عزلته من رعيل إخوانه حقيقة تقدّسها الأُمّة كما تقدّس الصلاة ، ولكن تنظر إلى فاعليها بعين الاستخفاف ، تلكم هي امتهان المنبر أي اتّخاذه مهنة ، فالمنبري وإن بلغ ما بلغ من العلم لا يتجاوز الأعواد التي يفترع قمّتها.
رحم الله المقدّس المبرور الشيخ جعفر التستري رضي الله عنه وأرضاه ، فقد بلغ المرجعيّة واجتازها أشواطاً وأشواطاً ولكنّك لا تجد اليوم من يذكره إلّا عرضاً وهو سيّد علماء زمانه غير منازع ، ولكنّه ربّما قورن بمن لا يساويه لأنّه جنت عليه مهنة المنبر ، والمحلّاتي من هذا الرعيل ..
ولي أن أصف ما سمّوه عيباً بأنّه ليس بعيب بالمعنى
الحقيقي للكلمة ، وإنّما هو