وتسعين في بصائر الدرجات بسنده عن حذيفة بن أُسيد الغفاري (١) قال : لمّا وادع الحسن معاوية وانصرف إلى المدينة صحبته في منصرفه وكان بين عينيه حمل بعير لا يفارقه حيث توجّه ، فقلت له ذات يوم : جعلت فداك يا أبا محمّد ، هذا الحمل لا يفارقك حيثما توجّهت ! فقال : يا حذيفة ، أتدري ما هو ؟ قلت : لا ، قال : هذا الديوان ، قلت : ديوان ماذا ؟ قال : ديوان شيعتنا فيه أسمائهم ، قلت : جعلت فداك ، فأرني اسمي ، قال : اغد بالغداة.
قال : فغدوت إليه ومعي ابن أخ لي وكان يقرأ ولم أكن أقرأ ، فقال : ما غدا بك ؟ قلت : الحاجة التي وعدتني ، قال : ومن ذا الفتى معك ؟ قلت : ابن أخٍ لي وهو يقرأ ولست أقرأ ، قال : فقال لي : اجلس ، فجلست ، فقال : علَيّ بالديوان الأوسط ، قال : فأُتي به ، قال : فنظر الفتى فإذا الأسماء تلوح ، قال : بينهما هو يقرأ إذ قال : هو ذا يا عمّاه هو ذا اسمي ، قلت : ثكلتك أُمّك ! انظر أين اسمي ، قال : فصفح ثمّ قال : هو ذا اسمك ، فاستبشرنا واستشهد الفتى مع الحسين بن عليّ عليهماالسلام (٢).
أبو جعفر محمّد بن جرير بن رستم الطبري الآملي وهو من أجلّ علماء أهل السنّة في القرن الرابع الهجري ذكر في كتابه معجزات الأئمّة وبلغ بالسند إلى جابر ابن عبدالله الأنصاري رضياللهعنه أنّه قال : بينما أمير المؤمنين جالس على مسند القضاء
__________________
(١) حذيفة المذكور عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب رسول الله وأُخرى من أصحاب الحسن. وفي أُسد الغابة : بايع رسول الله تحت الشجرة ونزل الكوفة وتوفّي بها. وذكره المقاماني وقال : إنه من حواري الحسين عليهالسلام يوم القيامة. (منه).
(٢) بصائر الدرجات ، ص ١٧٢ و ١٧٣.