مغلولة الأيدي إلى الأعناقِ |
|
تُسبى على عجف من النياقِ |
حاسرة الوجه بغير برقعِ |
|
لا سترَ غير ساعدٍ وأذرعِ (١) |
وإنّ الحميّة والشهامة تأبى لكلّ أحد أن يخضع لمن أتى بهذا الفعل الشنيع مع كلّ أحد ، فضلاً عن آل الرسول الأقدس (ص) ؛ فتحتدم إذ ذاك النّفوس ، وتثور العاطفة ، ويحكم على هؤلاء الأرجاس بالمروق عن دين الإسلام. وطبعاً هذا الداعي في سيّد الشهداء (ع) ألزم من غيره من الأئمّة (عليهم السّلام) ؛ لاشتمال قضيّته على ما يرقق القلوب ، ومن هنا اتخذه المعصومون (ع) حُجّة يصولون بها على أعدائهم ، فأمروا شيعتهم بالبكاء تارة ، والإحتفال بأمره ـ بأيّ نوع كان ـ تارة اُخرى ، وزيارته ثالثة ، إلى غير ذلك ؛ ممّا ترك الاُمّة حسينيّة الذكر كما أنّها حسينيّة المبدأ ، ولا تلفظ نفسها الأخير إلا وهي حسينيّة المنتهى.
وإنّ دعاء الإمام الصادق (عليه السّلام) في سجوده ، الذي يرويه معاوية بن وهب ممّا يبعث إلى القلوب نوراً ، وللعقيدة رسوخاً ، وللنفوس ارتياحاً ، ويوقفنا على أسرار غامضة ممّا تأتي بها الاُمّة من هذه الأعمال.
قال (عليه السّلام) وهو ساجد :
«اللهمّ ، يا من خصَّنا بالكرامة ، ووعدنا بالشفاعة ، وخصّنا بالوصية ، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي ، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا ، اغفر لي ولإخواني وزوّار قبر جدّي الحسين ، الذين أنفقوا أموالهم ، وأشخصوا أبدانهم رغبةً في بِرنا ، ورجاءً لما عندك في صلتنا ، وسروراً أدخلوه على نبيّك ، وإجابة منهم لأمرنا ، وغيظاً أدخلوه على عدوّنا ؛ أرادوا بذلك رضاك فكافئهم عنّا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنّهار ، وأخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف ، وأصحبهم ، واكفِهم شرَّ كلِّ جبّار عنيد ، وكلّ ضعيف من خلقك وشديد ، وشرّ شياطين الإنس والجنّ ، وأعطهم أفضل ما أملوه في غربتهم عن أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.
__________________
(١) من اُرجوزة للحُجّة الشيخ هادي كاشف الغطاء (قدّس سره).