اللهمّ ، إنّ أعداءنا عابوا عليهم خروجهم إلينا ، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا ؛ خلافاً منهم على ما خالفنا.
اللهم ، ارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس.
وارحم تلك الخدود التي تقلّبت على حفرة أبي عبد الله الحسين.
وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا.
وارحم تلك القلوب التي جزعت ، واحترقت لنا.
وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا. اللهمّ ، إنّي استودعك تلك الأنفس والأبدان حتّى توفيهم على الحوض يوم العطش الأكبر».
ولمّا استكثر معاوية بن وهب هذا لزوّار الحسين ، قال له الإمام الصادق (ع) : «إنّ مَن يدعو لزوّار الحسين في السّماء ، أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض» (١).
وهذا الدعاء من إمام الاُمّة اشتمل على أحكام جليلة ، ومزايا لا يقف عليها إلا من استضاء بنورهم ، واعتصم بحبل ولايتهم. فمن ذلك ؛ رجحان البكاء ، والجزع والصراخ لِما أصاب المعصومين من أهل البيت (عليهم السّلام). والصرخة كما نص عليها علماء اللغة : هي الصيحة الشديدة عند الفزع والمصيبة (٢). وحيث لم تخص في الدعاء بما إذا وقعت في الدور ، كان الاطلاق شاملاً لمحبوبيتها في كلّ حال ؛ سواء وقعت في الشوارع ، أو المشاهد ، أو غيرهما من رجال أو نساء.
ومنها مسح الخدود على القبر الأطهر ، ولا يقتضي التخصيص بقبر الحسين (عليه السّلام) ، فإن رواية الشيخ الطوسي في الصلاة على القبور ، عن محمّد بن عبد الله الحميري قال : كتبت إلى الفقيه أسأله عن الرجل يزور القبور ، إلى أن قال في التوقيع : أمّا السّجود على القبر ، فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ، بل يضع خدّه الأيمن على القبر. وعمومه شامل لرجحان وضع الخدّ عند كل قبر من قبور المعصومين (عليهم السّلام).
__________________
(١) رواه الكليني في الكافي ٤ ص ٥٨٢ ـ ٥٨٣ ، وابن قولويه في كامل الزيارات ص ١١٦ ، والصدوق في ثواب الأعمال ص ٥٤.
(٢) تاج العروس ٣ ص ٦٦ ، مادة صرخ.