فصال عليهم صولة الليث مغضباً |
|
وعسا له خصم النفوس وصارمه |
فحكَّم في أعناقهم نافذ القضا |
|
صقيلاً فلا يستأنف الحكم حاكمه |
الى أن أعاد الدين غضّاً ولم يكن |
|
بغير دماء السّبط تسقى معالمه (١) |
ووضّح لابن الزبير ما عزم عليه الحسين من ملاقاة الوالي في ذلك الوقت ، فأشار عليه بالترك حذار الغيلة ، فعرّفه الحسين (ع) القدرة على الامتناع (٢). وصار إليه الحسين في ثلاثين (٣) من مواليه وأهل بيته وشيعته ، شاكين بالسّلاح ، ليكونوا على الباب فيمنعونه إذا علا صوته (٤) وبيده قضيب رسول الله (ص). ولمّا استقرّ المجلس بأبي عبد الله (ع) ، نعى الوليد إليه معاوية ، ثم عرض عليه البيعة ليزيد ، فقال (ع) : «مثلي لا يبايع سرّاً ، فإذا دعوتَ النّاس إلى البيعة دعوتنا معهم ، فكان أمراً واحداً» (٥).
فاقتنع الوليد منه ، لكن مروان ابتدر قائلاً : إن فارقك السّاعة ولم يبايع ، لم تقدر منه على مثلها حتّى تكثر القتلى بينكم ، ولكن احبس الرجل حتّى يبايع أو تضرب عنقه.
فقال الحسين : «يابن الزرقاء (٦) أنت تقتلني أم هو؟! كذبت وأثمت» (٧).
__________________
(١) من قصيدة للعلامة الشيخ محمّد تقي آل صاحب الجواهر.
(٢) ابن الأثير ٤ ص ٦.
(٣) اللهوف للسيّد رضي الدين ابن طاووس.
(٤) مقتل الخوارزمي ١ ص ١٨٣ الفصل الثامن.
(٥) الطبري ٦ ص ١٨٩.
(٦) في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص ٢٢٩ ، طبع ايران ، والاداب السلطانية للفخري ص ٨٨ ، كانت جدّة مروان من البغايا. وفي كامل ابن الأثير ٤ ص ٧٥ ، كان الناس يعيّرون ولد عبد الله بن مروان بالزرقاء بنت موهب ؛ لانّها من المومسات ومن ذوات الرايات. وفي تاريخ ابن عساكر ٧ ص ٤٠٧ ، جرى كلام بين مروان وعبد الله بن الزبير فقال له عبد الله : وإنك لههنا يابن الزرقاء. وفي أنساب الاشراف للبلاذري ٥ ص ١٢٩ ، قال عمرو بن العاص لمروان ـ في كلام جرى بينهما ـ : يابن الزرقاء ، فقال مروان : إن كانت زرقاء ، فقد أنجبت وأدت الشبه إذا لم تؤده غيرها.
وفي تاريخ الطبري ٨ / ١٦ ، كان مروان بن محمّد بن الأشعث يقول : لم يزل بنو مروان يعيَّرون بالزرقاء وان بني العاص من أهل (صفورية).
غير خفي أنّ أدب الشريعة وإن حرج على المؤمن التنابز بالالقاب والطعن في الأنساب ، ومَن تستفاد منه الحكم والآداب الإلهيّة أحرى بالأخذ بها ، إلا أنّ إمام الاُمّة والحُجّة على الخليفة العارف بالملابسات لا يتعدّى هذه المقررات ، وابتعادنا عن مقتضيات أحوال ذلك الزمن يلزمنا بالتسليم للإمام المعصوم (ع) في كلّ ما يصدر منه خصوصاً مع مطابقته للقرآن العزيز الذي هو مصدر الأحكام ، والتعيير الصادر من الحسين لمروان صدر مثله من الجليل عزّ شأنه مع الوليد بن المغيرة المخزومي إذ يقول في سورة القلم ١٣ : (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) والزنيم ، في