رُفِعتَ وجاوزتَ السَّحاب وفوقه |
|
فمالَكَ الا مرقبُ الشمسِ مَقعَدُ (١) |
وأمره بالاستعجال على الشخوص إلى الكوفة ؛ ليطلب ابن عقيل فيوثقه أو يقتله أو ينفيه (٢).
فتعجّل ابن زياد المسير إلى الكوفة مع مسلم بن عمرو الباهلي والمنذر بن الجارود وشريك الحارثي وعبد الله بن الحارث بن نوفل في خمسمئة رجل انتخبهم من أهل البصرة ، فجدّ في السير وكان لا يلوي على أحد يسقط من أصحابه حتّى أنّ شريك بن الأعور سقط أثناء الطريق ، وسقط عبد الله بن الحارث ؛ رجاء أنْ يتأخّر ابن زياد من أجلهم فلَم يلتفت ابن زياد إليهم ؛ مخافة أنْ يسبقه الحسين إلى الكوفة. ولمّا ورد القادسيّة سقط مولاه مهران فقال له ابن زياد : إنْ أمسكت على هذا الحال فتنظر القصر فلك مئة ألف ، فقال : والله لا أستطيع ، فتركه عبيد الله ولبس ثياباً يمانيّة وعمامة سوداء وانحدر وحده ، وكلّما مرّ بالمحارس ظنّوا أنّه الحسين (ع) فقالوا : مرحباً بابن رسول الله ، وهو ساكت ، فدخل الكوفة ممّا يلي النّجف (٣).
واستقبله النّاس بهتاف واحد : مرحباً بابن رسول الله ، فساءه هذا الحال وانتهى إلى قصر الامارة ، فلم يفتح النّعمان باب القصر ، وأشرف عليه من أعلى القصر يقول : ما أنا بمؤد إليك أمانتي يابن رسول الله ، فقال له ابن زياد (٤) : افتح
__________________
(١) أنساب الاشراف للبلاذري ٤ ص ٨٢.
(٢) الطبري ٦ ص ١٩٩.
(٣) مثير الأحزان لابن نما الحلّي.
(٤) لم ينص المؤرخون على ولادة ابن زياد على التحقيق ، وما ذكروه منه لا يصح ، ومنه يصح على وجه التقريب والظن ؛ فالأول ما يحكيه ابن كثير في البداية ٨ ص ٢٨٣ : عن ابن عساكر عن أحمد بن يونس الضبي أن مولد عبيد الله بن زياد سنة تسع وثلاثين ، فيكون له يوم الطفّ أواخر سنة (٦٠ هـ) إحدى وعشرون سنة ، وله يوم موت أبيه زياد الواقع سنة (٥٣ ـ) أربع عشرة سنة ... وهذا لا يتّفق مع ما ذكره ابن جرير في التاريخ ٦ ص ١٦٦ : أنّ معاوية ولّى عبيد الله بن زياد خراسان سنة (٥٣ ـ) فإنّه يبعد أن يتولّى ابن أربع عشرة سنة بلداً كبيراً مثل خراسان ، وما ذكره ابن جرير يكون له وجه على الظن فإنه في ٦ ص ١٦٦ من تاريخه يقول : في سنة (٥٣ ـ) ولّى معاوية عبيد الله بن زياد خراسان وله خمس وعشرون سنة ؛ وعليه تكون ولادته سنة (٢٨ هـ) وله يوم الطفّ اثنتان وثلاثون سنة ، وما ذكره يتّفق مع ما حكاه ابن كثير في البداية ٨ ص ٢٨٣ : عن الفضل بن ركين إنّ لعبيد الله بن زياد يوم قتل الحسين ٢٨ سنة ؛ وعليه تكون ولادته سنة (٣٢ ـ) ويوم موت زياد الواقع في سنة (٥٣ ـ) له إحدى وعشرون سنة.