وخرج إليهم مصلتاً سيفه ، وقد اقتحموا عليه الدار فأخرجهم منها ، ثمّ عادوا إليه وأخرجهم وهو يقول :
هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع |
|
فأنت بكأس الموت لا شك جارع |
فصبراً لأمر الله جلَّ جلاله |
|
فحكم قضاء الله في الخلق ذايع |
فقتل منهم واحداً وأربعين رجلاً (١) ، وكان من قوّته يأخذ الرجل بيده ويرمي به فوق البيت (٢).
وأنفذ ابن الأشعث إلى ابن زياد يستمدّه الرجال ، فبعث إليه اللائمة ، فأرسل إليه : أتظنّ أنّك أرسلتني إلى بقّال من بقّاليّ الكوفة أو جرمقاني من جرامقة الحيرة (٣) وإنّما أرسلتني إلى سيف من أسياف محمّد بن عبد الله ، فمدّه بالعسكر (٤).
واشتدّ القتال فاختلف مسلم وبُكير بن حمران الأحمري بضربتين ، ضرب بُكير فَم مسلم فقطع شفته العليا وأسرع السّيف إلى السّفلى ونصلت لها ثنيتان ، وضربه مسلم على رأسه ضربةً منكرةً واُخرى على حبل العاتق حتّى كادت أنْ تطلع إلى جوفه ، فمات (٥).
ثمّ أشرفوا عليه من فوق ظهر البيت يرمونه بالحجارة ويلهبون النّار في أطنان القصب (٦) ويلقونها عليه ، فشدّ عليهم يقاتلهم في السّكة ، وهو يرتجز بأبيات حمران بن مالك :
أقسمت لا اُقتل إلا حُرّا |
|
وان رأيت الموت شيئاً نكرا |
كلّ امرئ يوماً ملاق شرّا |
|
ويخلط البارد سخناً مرّا |
__________________
(١) مناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٢١٢.
(٢) نفس المهموم ص ٥٧.
(٣) في الصحاح : الجرامقة : قوم من العجم صاروا إلى الموصل ، وزاد في القاموس (أوائل الإسلام ، والواحد جرمقاني) ، وفي تاج العروس : إنّه كالاسم الخاص ، وفي اللسان : جرامقة الشام : أنباطها ، واحدهم جرمقاني (بضمّ الميم والجيم بينهما راء) ، وفي جمهرة ابن دريد ٣ ص ٣٢٤ : وجرمق : غير عربي ، والجرامق : جيل من الناس.
(٤) المنتخب ص ٢٩٩ الليلة العاشرة.
(٥) مقتل الخوارزمي ١ ص ٢١٠ الفصل العاشر.
(٦) في الصحاح والقاموس : الطن (بالضمّ) : حزمة القصب ، والقصبة الواحدة من الحزمة طنة.