ولمْ يبق بمكّة أحد إلاّ حزن لمسيره ، ولمّا أكثروا القول عليه أنشد أبيات أخي الأوس لمّا حذره ابن عمّه من الجهاد مع رسول الله (ص).
سأمضي فما بالموت عار على الفتى |
|
إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما |
وواسى الرجال الصالحين بنفسه |
|
وفارق مثبوراً وخالف مجرما |
ثم قرأ : (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا)(١).
وسامته أن ينقاد للسلم ضارعا |
|
لديها ويأبى العّز أن يضرع الحرُّ |
فقال ردي يا نفس من سورة الرَّدى |
|
فعند ورود الضَّيم يستعذب المرُّ |
وحفت به من آله خير فتية |
|
لها ينتمي المجد المؤثل والفخر |
إذا هي سارت في دجي الليل أزهرت |
|
وباهت سواري النجم اوجهها الزهر |
بكل كميٍّ فوق اجردَ سابح |
|
يتيه به في مشيه الدلُّ والكبر |
إذا خفَّ في الهيجاء وقْر بمتنه |
|
بنجدة بأس فاطمأنَّ له ظهر |
ويلطم خدَّ الأرض لكنّ وجهها |
|
بنضح دم الأعداء لا اللطم يحمرُّ |
همُ القوم من عليا لويِّ وغالب |
|
بهم تكشف الجلى ويستدفع الضرُّ |
يحيون هنديَّ السيوف باوجه |
|
وحدُّ المواضي باسم الغر يفتر |
يلفون آحاد الالوف بمثلها |
|
تهلِّل من لئلاء طلعتها البشر |
بيومٍ به وجه المنون مُقطَّبٌ |
|
إذا حل من معقود راياتها نشر |
إذا اسودَّ يوم النقع اشرقنَ بابها |
|
لهم اوجه والشوس ألوانها صفر |
وما وقفوا في الحرب إلا ليعبروا |
|
إلى الموت والخطيِّ من دونه جسر |
يكرون والأبطال نكصاً تقاعست |
|
من الخوف والآساد شيمتها الكرُّ |
الى أن ثَووْا تحت العجاج بمعرك |
|
هو الحشر لا بل دون موقفه الحشر |
وماتوا كراماً تشهد الحرب انَّهم |
|
أُباة إذا ألوى بهم حادث نكر |
علهيم من الهنديِّ بيض عصائب |
|
تروق ومن وشي الدّما حلل حمر |
وعاد أبيُّ الضَّيم بين عداته |
|
وناصره البتّار والارن المهر |
فغبَّر في يوم الكفاح باوجه |
|
الكتائب والآفاق شاحبة غبر |
__________________
(١) تذكرة الخواص ص ١٣٧ : وأنشدها لمّا حذّره الحر من مخالفة بني اُمية.