أشدّ فرحاً بقتالكم معه بما أصبتم من الغنائم. فأمّا أنا فأستودعكم الله (١).
فقالت زوجته : خار الله لك وأسألك أنْ تذكرني يوم القيامة عند جدّ الحسين (عليه السّلام) (٢).
وفي زرود اُخبر بقتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ، فاسترجع كثيراً وترحم عليهما مراراً (٣) وبكى ، وبكى معه الهاشميّون وكثر صراخ النّساء حتّى ارتجّ الموضع لقتل مسلم بن عقيل وسالت الدموع كلّ مسيل (٤).
فقال له عبد الله بن سليم والمنذر بن المشمعل الأسديّان : ننشدك الله يابن رسول الله ألاّ انصرفت من مكانك هذا ؛ فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر.
فقام آل عقيل وقالوا : لا نبرح حتّى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا ، فنظر إليهم الحسين وقال : «لا خير في العيش بعد هؤلاء» (٥).
فيا ابن عقيل فدتك النفو |
|
س لعظم رزيتك الفادحة |
لِنَبْكِ لها بمذاب القلو |
|
ب فما قدر ادمعنا المالحة |
وكم طفلة لك قد اعولت |
|
وجمرتها في الحشا قادحة |
يعززها السبط في حجره |
|
لتغدو في قربه فارحة (٦) |
تقول : مضى عمُّ مني أبي |
|
فمن ليتيمته النائحة (٧) |
ثكول تبيت بليل اللسيع |
|
تعجُّ وعن دارها نازحة |
وكم من كميٍّ بأحشائه |
|
تركت زناد الاسى قادحه |
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٢٤ ، ومقتل الخوارزمي ١ ص ٢٢٢.
(٢) مثير الأحزان لابن نما ص ٢٣ ، واللهوف ص ٤٠ ، وورد في تاريخ الطبري ٦ ص ٢٢٤ الطبعة الاُولى : إنّ زهيراً قال لزوجته : أنت طالق ، ألحقي بأهلك ، فإنّي لا اُحبّ أنْ يلحقك بسببي إلا خيرا هـ. ولا أعرف الغاية المقصودة له من هذا الطلاق؟ هل أراد طردها من الميراث؟ أو أنّه أباح لها التزويج بعد انتهاء ثلاثة أشهر؟ أو أنّه لا يرغب في أن تكون زوجة له في الآخرة؟ كما طلّق أمير المؤمنين (ع) بعض نساء النبي (ص) وطلّق الإمام الرضا (ع) اُم فروة : زوجة الكاظم (ع)؟ مع إنّ هذه الحرّة لها فضل عليه بإرشاده إلى طريق السّعادة بالشهادة ، والذي يهون الأمر أن مصدر الحديث (السّدي).
(٣) تاريخ الطبري ٦ ص ٩٩٥ ، وفي البداية لابن كثير ٨ ص ١٦٨ : استرجع مراراً
(٤) اللهوف ص ٤١ : ولمْ أقف على مصدر وثيق ينصّ على أنّ الحسين أخذ بنت مسلم المسمّاة حميدة ومسح على رأسها فأحسّت بالشرّ ، إلى آخره.
(٥) كامل ابن الأثير ٤ ص ١٧ ، وسِيَر أعلام النبلاء للذهبي ٢ ص ٢٠٨.
(٦) من أبيات للشيخ قاسم الملا الحلّي ذُكرت في كتاب الشهيد مسلم ص ٢١٠.