فلمّا انتهوا إلى الحسين (عليه السّلام) أنشدوه الأبيات ، فقال (عليه السّلام) : «أما والله ، إنّي لأرجوا أنْ يكون خيراً ما أراد الله بنا قُتِلْنا أم ظفرنا».
وسألهم الحسين عن رأي النّاس ، فأخبروه بأنّ الأشراف عظمت رشوتهم وقلوب سائر النّاس معك والسّيوف عليك ، ثمّ أخبروه عن قتل قيس بن مسهّر الصيداوي ، فقال (عليه السّلام) : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً). اللهم اجعل لنا ولهم الجنّة ، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك».
وقال له الطرمّاح : رأيتُ النّاس قبل خروجي من الكوفة مجتمعين في ظهر الكوفة فسألتُ عنهم ، قيل : إنّهم يعرضون ثم يسرّحون إلى الحسين ، فانشدك الله أنْ لا تقدم عليهم ، فإنّي لا أرى معك أحداً ، ولَو لَم يقاتلك إلاّ هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكفى ، ولكن سِر معنا لتنزل جبلنا الذي يُدعى (أجا) فقد امتنعنا به من ملوك غسّان وحمير ، ومن النعمان بن المنذر ومن الأسود والأحمر ، فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتّى تأتيك طيء رجالاً وركباناً وأنا زعيم لك بعشرين ألف طائي يضربون بين يديك بأسيافهم إلى أنْ يستبين لك ما أنت صانع.
فجزاه الحسين وقومه خيراً وقال : «إنَّ بيننا وبين القوم عهداً وميثاقاً ولسنا نقدر على الانصراف حتّى تتصرّف بنا وبهم الاُمور في عاقبة».
فاستأذنه الطرمّاح وحده بأن يوصل الميرة إلى أهله ، ويعجّل المجيء لنصرته. فأذِن له وصحِبه الباقون.
فأوصل الطرمّاح الميرة إلى أهله ورجع مسرعاً ، فلمّا بلغ عذيب الهجانات ، بلغه خبر قتل الحسين (عليه السّلام) فرجع إلى أهله (١).
__________________
الجادة؟» فقال الطرمّاح بن عدي الطائي : أنا يابن رسول الله ، فقال له : «سِر أمامنا» ، فسار أمام الظعن يرتجز بالأبيات. وعند ابن نما صفحة ٢٤ : إنّ الحر سار أمام الحسين يرتجز بها ، وفي كامل الزيارات لابن قولويه ص ٩٥ : عن الرضا (ع) : «بينا الحسين يسير في جوف الليل سمع رجلاً يرتجز بها» ، وفي نفس المهموم ص ١٥٣ : عن بعض المقاتل أنّ الطرمّاح لمّا وقع نظره على الحسين أنشأها.
(١) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٣٠.