ضاقت بها الدنيا فحيث توجَّهت |
|
رأت الحتوف امامها ووراءها |
فاستوطأت ظهر الحِمام وحوَّلت |
|
للعزِّ عن ظهر الهوان وطاءها |
طلعت ثنيّات الحتوف بعصبة |
|
كان السيوف قضاءها ومضاءها |
لقلبوبها امتحن الإله بموقف |
|
محضته فيهِ صبرها وبلاءها |
كانت سواعد آل بيت محمّد |
|
وسيوف نجدتها على من ساءها |
كره الحمام لقاءها في ضنكه |
|
لكنْ أحبَّ الله فيه لقاءها |
فثوت بأفئدة صواد لم تجد |
|
رياً يبلُّ سوى الردى أحشاءها |
وأراك تنشىء يا غمام على الورى |
|
ظلا وتروي من حياك ظماءها |
وقلوب أبناء النبي تفطَّرت |
|
عطشاً بقفر ارمضت أشلاءها |
وامضّ ما جرعت من الغصص التي |
|
قدحت بجانحة الهدى ايراءها |
هتك الطغاة على بنات محمّد |
|
حجب النبوة خدرها وخباءها |
فتنازعت احشاءها حرق الجوى |
|
وتجاذبت أيدي العدوُّ رداءها |
عجباً لحلم الله وهي بعينه |
|
برزت تطيل عويلها وبكاءها |
ويرى من الزفرات تجمع قلبها |
|
بيد وتدفع في يد اعداءها |
ما كان اوجعها لمهجة (أحمد) |
|
وامضَّ في كبد (البتولة) داءها (١) |
وأنزل ابن سعد الخيل على الفرات فحموا الماء وحالوا بينه وبين سيّد الشهداء ، ولَم يجد أصحاب الحسين طريقاً إلى الماء حتّى أضرّ بهم العطش ، فأخذ الحسين فأساً وخطا وراء خيمة النّساء تسع عشرة خطوة نحو القبلة وحفر فنبعت له عين ماء عذب ، فشربوا ثمّ غارت العين ولَم يرَ لها أثر ، فأرسل ابن زياد إلى ابن سعد : بلغني أنّ الحسين يحفر الآبار ويصيب الماء فيشرب هو وأصحابه فانظر إذا ورد عليك كتابي ، فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت وضيّق عليهم غاية التضيّيق. فبعث في الوقت عمرو بن الحجّاج في خمسمئة فارس ونزلوا على الشريعة (٢) ، وذلك قبل مقتل الحسين بثلاثة أيّام (٣).
__________________
(١) من قصيدة للسيّد حيدر الحلّي رضوان الله عليه.
(٢) نفس المهموم للمحدث القمي ص ١١٦ ، ومقتل الخوارزمي ١ ص ٢٤٤ ، ومقتل العوالم ص ٧٨.
(٣) الطبري ٦ ص ٢٣٤ ، وإرشاد المفيد ، ومقتل الخوارزمي الجزء الأول ، وكامل ابن الأثير ٤ ص ٢٢.