لئن رحل من بلادك ولَم يضع يده في يدك ليكونّن أولى بالقوّة وتكون أولى بالضعف والوهن ، فاستصوب رأيه وكتب إلى ابن سعد : أمّا بعد ، إنّي لَم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السّلامة ولا لتكون له عندي شفيعاً ، اُنظر فإنْ نزل حسين وأصحابه على حكمي ، فابعث بهم إليَّ سِلماً. وإنْ أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم ؛ فإنّهم لذلك مستحقّون ، فإنْ قُتل حسين فاوطىء الخيل صدره وظهره ، ولستُ أرى أنّه يُضرّ بعد الموت ، ولكن على قول قلته : لَو قتلتُه لفعلتُ هذا به. فإنْ أنت مضيتَ لأمرنا فيه جزيناك جزاء السّامع المطيع ، وإنْ أبيتَ فاعتزل عملنا وجندنا وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنّا قد أمرناه بذلك (١).
فلمّا جاء الشمر بالكتاب ، قال له ابن سعد : ويلك لا قرب الله دارك ، وقبّح الله ما جئت به ، وإنّي لأظنّ أنّك الذي نهيته وافسدت علينا أمراً رجونا أنْ يصلح ، والله لا يستسلم حسين فانّ نفس أبيه بين جنبَيه.
فقال الشمر : أخبرني ما أنت صانع ، أتمضي لأمر أميرك؟ وإلاّ فخلّ بيني وبين العسكر. قال له عمر : أنا أتولّي ذلك ، ولا كرامة لك ، ولكن كن أنت على الرجّالة (٢).
__________________
تحقيق محمد محيي الدين).
وفي حاشية الكتاب ، كان حاتم بن الشمر مع أبيه في الكوفة ولما قتل المختار شمر بن ذي الجوشن هرب ابنه الى قنسرين. وفي ص ١٤٥ ذكر ان الصميل كان والياً على سر قسطة ثم فارقها وتولى على طليطلة. وفي كتاب الحلة السيراء لابن الأبار ج ١ ص ٦٧ لما ظهر المختار بالكوفة فر الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين بن علي الى الشام بأهله وولده ، فاقام بها في عز ومنعة ، وقيل قتله المختار وفر ولده إلى ان خرج كلثوم بن عياض القشيري غازياً الى المغرب ، فكان الصميل ممن ضرب عليه البعث في اشراف أهل الشام ودخل الأندلس في طاعة بلج بن بشر وهو الذي قام بأمر المضرية في الاندلس عندما أظهر أبو الخطار الحسام بن ضرار الكلبي العصبية لليمانية ومات الصميل في سجن عبد الرحمن بن معاوية سنة ١٤٢ وكان شاعراً. وفي تاريخ علماء الاندلس لابن الفوطي ج ١ ص ٢٣٤ باب الشين ، شمر بن ذي الجوشن الكلاعي من أهل الكوفة هو الذي قدم برأس الحسين (عليه السلام) على يزيد بن معاوية ولما ظهر المختار هرب بعياله منه ثم خرج كلثوم بن عياض غازياً المغرب ودخل الى الاندلس في طالعة بلج ، وهو جد الصميل بن حاتم بن شمر القيسي صاحب الفهرى اهـ والاصح ما ذكره الدينوري في الأخبار الطوال ٢٩٦ ان شمر بن ذي الجوشن قتله أصحاب المختار بالمذار وبعث برأسه الى محمد ابن الحنفية وفي الاعلاق النفيسة لابن رسته ص ٢٢٢ كان الشمر بن ذي الجوشن ابرص وفي تاريخ الطبري ج ٧ ص ١٢٢ وكامل ابن الاثير ج ٤ ص ٩٢ حوادث سنة ٦٥ كان الشمر ابرص يرى بياض برصه على كشحه.
(١) ابن الأثير ٤ ص ٢٣.
(٢) الطبري ٦ ص ٢٣٦.